أسهل ردٍ في أصعب المواقف هو اللوم والعتاب، ولا غريب فهذا أبسط ما يملكه الفرد من حيلة، ولعل أكثر ما سمعناه ورأيناه في جائحة «كوفيد- 19» بعض اللوم والانتقادات التي طالت الإحاطة الإعلامية، بالرغم من اليقين التام بأن الحكومة قدمت فوق الاعتيادي من إمكانات وموارد وكوادر، لاحتواء الجائحة وتقليل آثارها الاجتماعية والاقتصادية.

والانتقادات ظهرت تارة في البيانات وتفصيلها وإن فصلت «ليش التفاصيل»، وتارة المواعيد وتقليلها وإن زادت «ليش الزيادة»، وتارة الأرقام، مؤكد أن هناك أعداداً تفوق المعلن عنه، ولا مجال للرضا، «إن يونا يمين سرنا يسار»، وإن قالوا مواطن قلنا لماذا المواطن فقط الملام، وإن قالوا تجمعات عائلية قلنا أين أنتم عن المراكز والمطاعم، و«إن يونا باللين والهون قلنا لا جديد سوى الكلام»، وإن شددوا اللهجة قلنا أسلوب الترهيب غير مجدٍ، ولا غير اللوم لهم من رسالة منذ بداية الجائحة. وإذا كان العتب لهم وحدهم فأين نحن من أدوارنا ومسؤوليتنا تجاه أنفسنا وتجاه المجتمع بدلاً من إلقاء اللوم! لمَ لمْ يخطر ببال أحدنا ابتكار طريقة مؤثرة وأكثر فاعلية لإيصال الرسالة المطلوبة، ولمَ لمْ يكن لمنصات الإعلام الجديد الممتدحة تأثيرها الساحر إيجاباً على مجريات الأحداث.

ليس المقال دفاعاً وما هو بقصد الانحياز لطرف بعينه، ولكنها نعمة أفقدتنا منصات التواصل الجديد متعتها، إحاطتنا الإعلامية وبكل حياد نافذة مشرّفة عملاً وكوادر وهي الأفضل والأقدر بين دول المنطقة، نظراً لتطور طرحها وتزامنه مع كل مستجد من حيث لغة المخاطبة وأساليب التعاطي مع كافة شرائح المجتمع ومراعاتها لأدق التفاصيل النفسية، وتوجهها الذي لا يقر صيغة الأمر والنهي، وقدرة المتحدث على التحلي بالهدوء رغم صعوبة الموقف في أغلب الأحيان، بحيث لا ينشر الفزع بين الناس، وقد كان تطورها لافتاً وجاء مواكباً للمجريات، فالتجربة جديدة علينا جميعاً ولا نزال نتعلّم منها حتى النهاية، فمن منا وجد حله الناجع أو وصفته التي تكفل له الخروج من الوضع الراهن.