قبل عام ودعنا شهر رمضان، ثم ها هو يقبل الآن، وربما لم يشعر كثير منا بقيمة الزمن الذي طويت فيه الأيام والشهور، ويجب على العبد المسلم أن يبحث عن الزاد الذي يقربه إلى الله تعالى، حيث إن الطريق موحش وطويل، ولا بد فيه من زاد، وقد جعل الله تعالى شهر رمضان لتطهير القلوب من الخطايا والعيوب وغفران الذنوب، فهل استقبلنا رمضان بتوبة تغسل عنا الذنوب؟

ما أدرانا فقد يكون رمضان الأخير في حياتنا.

لعل الله جعل شهر رمضان، فرصة لكل عاصٍ أو متخاصم أن يبادر بالعفو والصفح، فهو شهر التسامح والغفران والحب والرحمة، فالله تعالى أمرنا بالصيام ليس فقط للامتناع عن الأكل والشرب بل لغرس الفضائل وتعويد الناس عليها، فالمسلم في هذا الشهر يجب عليه أن يتحلى بالأخلاق الكريمة، ويعفو ويبدأ هو بالتسامح حتى وإن أخطأ في حقه أحد، وسوف يجازيه الله حسناً على ذلك. فشهر رمضان مدرسة للتقوى يقبل فيه العباد على الله عز وجل بكل أنواع العبادات، من صيام وصلاة وصدقة وإطعام الفقراء وصلة الأرحام، كما جعله تعالى فرصة للتسامي وتجاوز الخلافات. ويعتبر رسالة للمسلمين لفتح باب الصلح بين المتخاصمين والمبادرة بالعفو والصفح.

نحن اليوم في أشد الحاجة إلى التسامح، فقد انتشرت ظواهر متعددة للعنف، فرضت نفسها في الواقع المعاصر حين غابت القيم والمثل الأخلاقية والدينية، فشهر رمضان المبارك يعد فرصة لا تُعوض للتسامح، وتجديد الإيمان في القلوب، التسامح فن ورسالة إيجابية نوجهها للآخرين، فعلينا مراجعة أنفسنا لنكون متسامحين مع النفس ومع الآخرين، لأن ذلك يقربنا أكثر من الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام». التسامح مهم في أي مجتمع، وإذا أردنا أن نعيش في مجتمع سلمي، فلا يوجد بديل عن التسامح.