جزء من الذات مفقود

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المؤسف ألا تكتمل الصورة حينما تضيع إحدى قطع أحاجي الصور، ليكتمل المنظر أو المشهد، فبعد كل الجهد المضني في تجميع الألوان والرسوم والحدود والخطوط، ليصبح حل أحجية الصور منظماً، تضيع إحداها لتغدو الصورة شبه مشهد ناقص، يشبه بشكل كبير ذواتنا، حينما نفقد جزءاً منها، لنغدو أشباه كيانات لا تشبهنا.

لا شيء أعتى من الشتات، والحرب الباردة التي تدك حصون القناعات، بين قبول وتسليم وبين تمرد واعتراض، مناهضات متوترة على خط النار، ولا هدنة تلوح من بعيد، لتنهش هشاشة الروح رويداً رويداً، بعد ضياع كل الخيارات، فهل من الممكن أن يدمر الإنسان نفسه من دون وعي منه ؟

لا شك في أن كل فرد منا يمر بضغوطات مختلفة، لا تصفو بها الحياة، وتترك آثار سياطها على أرواحنا، حتى تشرئب تقاسيم القلق على وجوهنا، حاملة معها بضاعة مزجاة من الضيق والعجز عن تأدية الواجبات، وردود الفعل النفسية والجسدية، وعدم التوازن في اتخاذ أي قرار قد يكون قشة النجاة في وسط الطوفان، فكثير من الدراسات النفسية تشير إلى أن ثمة مراحل عديدة يمر بها النازحون إلى حضيض الاستقرار النفسي، بدءاً من ترقب مرهق لما هو آت، وتشتت يشعل فتيل انفجار آخر زوايا الاطمئنان في الروح، ليصبح تقبل الآخرين وآرائهم أشبه بحلبة صراع للأفكار، التي لا تهديك إلى أي قرار، لتتجمد مشاعرك منغمساً في ضغوطاتك المستمرة، التي أمنت لها ثكنات محصنة في دواخلك، ليساورك الشك من محيطك الخارجي، وتظل حبيس مرآتك المشروخة، وأسطوانات قلقك، التي لا تتوقف عن الدوران ليلاً، لتغص في شهقات أرق طويل، ولكن هل سيكون الأمر سهلاً أن نلملم شتات بقايانا بعد أن تفرقت بين قبائل الأيام؟

ربما يكون القرار صعباً بأن تعيد رسم اهتماماتك، بأن تكون شخصاً جديداً، وتنفض غبار القلق من زواياك، لتنعم ببعض الضوء بعد عتمة طويلة، هو قرارك كيف تكون أنت من جديد، وتركن يأسك في غيابة جب النسيان.

Email