قبل أيام قرأت خبراً مبشراً حظي بتعليقات إيجابية على وسائل التواصل الاجتماعي، عنوانه «الإمارات الأولى خليجياً في إتقان اللغة الإنجليزية» حسب مؤشر إتقان الإنجليزية لعام 2021 الصادر من مؤسسة دولية معتمدة، الأمر الذي يشيد بمنظومة تعليمية متكاملة ترتقي بالمكتسبات والمهارات اللازمة للمستقبل.
لكن، لم أكتب مقالي اليوم للحديث عن إجادة طلابنا للإنجليزية، بل لأتحدث عن تلك «المنسية»، التي ترقب بذهول نهضة كل شيء حولها، وهي تجاهد لتبصر النور وسط غابات اللغات الأخرى التي ترسم مساراتها في دواخلنا على حسابها، كاجتثاث جائر طال الأخضر واليابس، فهل اكتفينا بركن لغتنا المنسية على هوامش التقديس «المؤقت».
لست أكمل مسيرة المطالبة الأزلية للنهوض باللغة العربية في مناهجنا الدراسية، وإحيائها من جديد، لتتنفس الصعداء في دواخل أطفال لم يألفوها، ويافعين نسوها ظناً أنها لا تعكس بحروفها المرهفة أفكارهم، ولست أقلل من أهمية تعليم اللغات الأخرى في مدارسنا وجامعاتنا وهي خطوة مميزة جعلت تعليمنا يرنو نحو المستقبل ببنية تحتية صلبة، لكنني أتحدث عن هوية تكملنا ونتكامل بها، عن أرض تنبت منها منظومة انتماءاتنا، وهي جزء من فكر وقوة نعبر به نحو الـ50 عاماً المقبلة، فالانفصال عن لغتنا لا يعبد المسار لتحقيق مبادئنا .
كما يجب، ونقطة البدء تكمن في استراتيجية وطنية لدعم تعلم اللغة العربية على مستوى الدولة، خطة حية تتكامل بها أجهزة التعليم كافة، ليكون تعليم اللغة العربية والنهوض بها في سنوات مواصلة البناء أصيلاً كما بدأ، بهوية خاصة، ومسار واضح للتدريس، ودعم أكبر لها لتكون لغة «معترفاً» بها في كل مكان، لغة تشكلت منها هويتنا وعروبتنا وأملنا القادم، نهج قويم وأساس متين لا يلين، كعزم الوطن المتقد في مستقبل الـ50 عاماً القادمة. فبين الواقع والمأمول، وقاب قوسين أو أدنى من 28 حرفاً.. تكمن هوية ووطناً ومستقبلاً.