قطاع التعليم اليوم ليس كالأمس وطموحاتنا اليوم ليست كالأمس. بفضل رؤية القيادة الحكيمة تتمتع دولتنا بمؤسسات متعددة داعمة لمنظومة عمل قطاع التعليم المقسم لمراحل تتناسب مع احتياجات بناء الإنسان وصقل مواهبه ومهاراته ومنحه المزيد من الفرص الممكنة للنجاح والتميز. بالنظر إلى جميع التغييرات التي طرأت على التعليم على مدى السنوات الماضية، يبدو لنا أن محاولة توقع ما سيتغير خلال الأعوام المقبلة مهمة معقولة. فالتعليم المستقبلي هو تعلم ذاتي يعتمد فيه المتعلم على ذاته مما يزيد من ثقته بقدراته في عملية التعلم، ويعزز لديه استقلال شخصيته واعتماده على ذاته والقدرة على اتخاذ القرار، والقدرة على تحمل المسؤولية، حاجتنا لهذا النوع من التعلم أصبحت مهمة، خاصة أننا أمام تحديات كثيرة أهمها أن تعليم المستقبل لن تقع مسؤولية تطويره فقط على الدولة وبالتحديد على وزارة التربية والتعليم، إنما يحتاج إلى مشاركة مجتمعية من قبل مؤسسات المجتمع وخاصة الأسرة.

المدرسة ما هي إلا المؤسسة الرسمية للتعليم، لذا نجاحه أو فشله في تحقيق أهدافه لا يتوقف عليها إنما كذلك على بقية المؤسسات. إن بزوغ اتجاه يتبنى أساليب التعلم الذاتي أصبح ضرورة نتيجة ظهور عدد من المشكلات التربوية والضغوط الاجتماعية، والتي يتوقع الكثير من المربين والخبراء أن يكون التعلم الذاتي حلاً وحيداً لها أو المخفف الأمثل لحدتها.

في المستقبل لن يكون التعليم متمركزاً على المعلم إطلاقاً ولن يقتصر دوره على نقل المعرفة فحسب، بل سيتمثل أيضاً في تحديد نقاط قوة الطالب واهتماماته وقيمه. ستكون وظيفته الأساسية هي توجيه الطلاب في المجالات التي يحتاجون فيها إلى التوجيه كمبدعين. الطلاب مستقبلاً أكثر حظاً في التعليم الممزوج بالمتعة ولكنهم حتماً لن يعرفوا ماذا يعني أن تكون عريفاً للصف، وماذا يعني أن تكون الطالب الذي يختاره المعلم لتوزيع أوراق الاختبار أو جمع الدفاتر، وماذا يعني أن تنشد في الإذاعة المدرسية، فهم لن ينتظموا في طوابير صباحية: تلك الركيزة الأساسية لتعلم الانتظام والاتحاد ضمن مجموعة. سينظرون إلى الطباشير فلن يعرفوها وسيظنون أن قلم الحبر الأحمر هو مجرد قلم بلونٍ زاهٍ، ولن يكون صوت الجرس ظهراً هو صوت الفرج.