الهوية في دولة ما تتجلى فيها سمات تميزها عن سواها، وينتمي أبناء الوطن كلهم إليها، ويعتزون بها، ولو تفرقت فستنهار الوحدة الوطنية، ونغدو شعوباً لا شعباً واحداً.

والهوية الدينية المتميزة بمرجعيتها الربانية هي ما يعطي للمجتمع الإسلامي قيمته ويحفظ عليه تماسكه ولا عزة له من دونها. في المجتمعات الإسلامية، يُعد الدين الإسلامي الهوية الأساسية والرسمية لها، فهو الانتهاء الحقيقي والرمز ومحور حياة المجتمع، من خلالها يتفاعل أفراد المجتمع، وحينما يضعف التمسك بالدين والالتزام به في نفوس الأفراد يظل هو الهوية المفقودة التي نبحث عنها، وذلك بحكم أننا مسلمون أولاً وأخيراً، ولأنه ليس من الممكن أن نختار غير الإسلام هوية ونظل مع ذلك مسلمين، فنحن حينما ابتغينا الإسلام ديناً، فقد ارتضيناه هوية.

التقليد للأفكار الطائشة والدخيلة، والتي تهدد المجتمعات الإسلامية، ابتداءً من معتقداتها، تصبح العقيدة الإسلامية مهددة من أبنائها قبل العدو، وهنا بعض المظاهر التي ينبغي المحافظة عليها، من أجل بقاء الهوية الإسلامية، كاللباس والمظهر الخارجي، إن سبل الحفاظ على الهوية الدينية من الضياع كثيرة جداً، سأتناول في هذه المقالة بعضها، إذ منها التمسك بشريعة الله تعالى والالتزام بتعاليمه، فهي النجاة من الزلل، وبها يكون الصمود في وجه الشبهات، مع التوكل على الله تعالى والاستعانة به.

وكذلك الثقة بمنهج الله تعالى والإيمان المطلق به، والوثوق أنه المنهج الذي ينبغي اتباعه دون الحياد عنه، ومعرفة أن الله لا يخلف الوعد. والتزود من العلوم الشرعية للمحافظة على الهوية وأخذ العلم عن العلماء المتمكنين، حتى يكون منهجه سوياً صحيحاً، دون شوائب، ولا يخلط الدين بالشبهات، ومن عرضت له شبهة، فليرجع بها إلى هؤلاء العلماء ولا يُجازف بالانجرار وراءها، قال الله تعالى: (فَاسأَلوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمونَ).

وتنبع أهمية الاعتزاز بالهوية الدينية من جعل المسلم صاحب شخصية مستقلة، مفتخراً بتاريخه ولغته وتُرابه وحضارته ومسيرة الأجداد. والاعتزاز باللغة العربية، لا لأنها مجرد لغة الآباء والأجداد ومظهر من مظاهر التخاطب، وإنّما لكونها وعاء للفكرِ والفلسفة والعلوم على مر التاريخ.