تفيض كتب الفلسفة وعلوم النفس بالكثير من النظريات التي تناولت شخصية الإنسان، حيث سعت جاهدة إلى تفسيرها، ومحاولة فهمها، سعياً منها لتحقيق الرضا الداخلي لهذه الشخصية، واللافت أن هذه النظريات ركزت على الوعي، بوصفه الطريق الذي يؤدي إلى فهم الشخصية وتفاصيلها المختلفة، وقناعاتها الداخلية، وتفاعلاتها مع الآخر.
«كل شيء يبدأ بالوعي، ولا قيمة لشيء من دونه»، تعبير فلسفي باح به يوماً ما الفرنسي ألبير كامو، في محاولة منه للتعبير عن حالة الوعي، وتقديم صياغة مبسطة تسهل علينا فهم تفاصيل «الوعي»، الذي يمثل جوهر الإنسان، وخاصيته التي تميزه عن بقية الكائنات الحية.
ولعل ذلك مثّل سبباً في جعل الوعي، على اختلاف درجاته، مثيراً للنقاش الفلسفي، كونه يعبر عن طبيعة تركيبة الشخصية الإنسانية، التي قد لا نفهمها أحياناً، بسبب تقلبات مشاعرها ومزاجها العام، واختلاف سلوكياتها.
وطبيعة الاختلاف في الشخصية الإنسانية وتركيبتها، من شأنه أن يفتح العيون على «الوعي الذاتي»، الذي يعد من أصعب المهارات التي يمكن للبشر اكتسابها وتطويرها، لأنه يعيننا على الانتباه إلى الطريقة التي نفكر ونشعر بها، وهو الذي يمكننا من تفسير الأشياء لأنفسنا، وفهم العالم من حولنا، ولتعزيزه فينا، لا بد من مراقبة مشاعرنا الداخلية وتحولاتها.
والتعمق أكثر في أنفسنا، في محاولة منا لفهمها، وإخراج ما بين ثناياها من أشياء إيجابية، وهو ما يسهل علينا بناء علاقات إيجابية وصحيحة، و«الوعي الذاتي» يمكننا من التحكم في مشاعرنا واندفاعنا وتصرفاتنا، في ظل إدراكنا أن النسبة الأكبر من القرارات السيئة، تكون نابعة من تضارب الأفكار، واختلاف ردات الأفعال.
«الوعي بالذاتي» ليس مصطلحاً فلسفياً عشوائياً، وإنما يمثل أسلوب حياة متكاملاً، فمن خلاله، يمكنك تعزيز مهارات التواصل الفعال مع محيطك، وبالتالي، يمكنك التعبير عن رغباتك بصدق ووضوح، وزيادة إنتاجيتك العملية، كونه يعينك على تخطي الكثير من المطبات التي تقف في طريقك.
مسار:
عندما نصبح أكثر وعياً بأنماط تفكيرنا ومشاعرنا، يصبح تحقيقنا للأهداف أسهل.