«الجدال» كلمة نتداولها كثيراً في أحاديثنا، نقرأها كلما فتحنا كتاب الله عز وجل، حيث تتكرر في 29 موضعاً. والجدال في اللغة يأتي أحياناً بمعنى المحاججة، والمفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة، والجدال عكس النقاش، وهو حوار صحي حول موضوع ما، بغض النظر عن الاتفاق في وجهات النظر، وغايته محاولة الوصول إلى الحقيقة.
وتحت سقف الكثير من بيوتنا، يحضر الجدال بكل قوته، يطل برأسه، كلما ساد خلاف بين الزوجين، بعضنا يرى فيه وضعاً عادياً، كنتيجة مباشرة للتعامل مع الطرف الآخر، وذلك فيه تبرير للمقولة الشعبية، بأن الخلاف ملح الحياة، وهناك من يرى في الجدال شكلاً من الخلاف الذي إن امتد وتعمق، قد يعصف بأعمدة البيت.
وبغض النظر عن المعنى الحقيقي للجدال، يبقى السؤال، كيف يمكن للزوجين أن يتجادلا، دون التأثير في أسس البيت، وأن يخرجا منه من دون خسارة؟ والإجابة تكمن في قدرتنا على إدراك أنماط الجدال المختلفة، التي صنفها الباحث النفسي والطبيب الأمريكي جون غوتمان، في نمط «الطلب / الانسحاب»، الذي قد يؤدي إلى إحداث خلل في العلاقة، مع انسحاب أحد أطراف العلاقة. ونمط «الفرسان الأربعة للانهيار»، والذي يتضمن مجموعة من السلوكيات التي ستؤدي حتماً إلى تراجع الزواج، وتتمثل هذه السلوكيات، في كثرة الانتقاد، ومهاجمة الآخر بسبب طبيعته أو شخصيته، أو إهانته بوعي، والدفاعية، التي قد تشمل رفض تحمل المسؤولية والانسحاب، أو مقاطعة حديث الطرف الآخر، والمماطلة، التي تمثل عنصراً رئيساً في نمط «الطلب/الانسحاب».
قد تبدو هذه الأنماط بالنسبة لنا، مرتدية ثوباً أكاديمياً، ولكنها في الواقع موجودة بيننا، ونتعامل معها، وقد ألبسناها أثواباً مختلفة، ومنحناها أسماء أخرى، لذا، فإن سقط الجدل بين الزوجين في هذه الأنماط، فلا يعتمدا على وعود الإصلاح، وإنما يجب عليهما أن يعملا معاً على تدارك ذلك بوعي وسرعة.
مسار:
لا تعتمدوا على وعود الإصلاح، وإنما عليكم القيام بها بشكل واعٍ وسريع.