بين السلوك والأخلاق مسافة واسعة، فالأول هو ما يظهر للناس من العمل، بينما الأخلاق ما وقر في القلب واطلع عليه الله تبارك اسمه في علاه، ونحن - بني البشر - نتأرجح بين السلوك والأخلاق، نحاول بكل جهد أن نوازن بينهما، وأن نتمسك بأفضلهما، فنحن كما قال رب العزة في محكم كتابه العزيز: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) (آل عمران 110)، وفي هذه الآية يأمرنا رب العزة بالتجمل بأفضل الأخلاق وأحسنها، والابتعاد عن كل قول أو فعل قبيح، تستنكره الشرائع ويأباه أهل الإيمان والعقل السليم.

والأخلاق صفة مستقرة في النفس، قد تكون فطرية أو مكتسبة، وبعض الأخلاق محمود وبعضها مذموم، وهو ما يميزها عن السلوك والذي له أنواع عديدة، يحدد بعضها التقاليد الاجتماعية والآداب الشخصية والاجتماعية، وبعض السلوك فردي وآخر اجتماعي.

ومع تقلب أيامنا وما نشهده من أزمات ونلتقي خلالها مع أناس، نكتشف عبر تعاملاتنا معهم قيمة أخلاقنا ونوعية سلوكياتنا أيضاً، ويمكن القول بأن الأخلاق قد تصلح سلوكياتنا إن ساءت في بعض الأحيان، لأن الأخلاق تظل صفة ثابتة في النفس، بينما السلوك يتغير مع تغير الأحوال. وقد ينعكس ذلك على طبيعة حياتنا وتعاملاتنا اليومية، لا سيما داخل بيوتنا، التي نبنيها وفق أخلاقنا وسلوكياتنا، فإن حسنت، حسن البيت وجدرانه، وإن ساءت بدا بنيانه أعوج، لا يمكن إصلاحه إلا بهدمه وإعادة البناء مرة أخرى. وذلك يؤكد على حقيقة إن حسنت الأخلاق، حسن الزواج وشبت العائلة على الخير ونبضت عروقها بالسعادة، والعكس صحيح.

نحن جميعاً ولدنا على أرض خير، وتربينا في مجتمع عرف الإنسانية واتخذ من التسامح طريقاً، وشب على الأخلاق الحميدة، وتعودنا أن نبني بيوتنا على الخير والأخلاق الحميدة، ما مكننا من إنشاء أجيال تعرف الحق وتتجمل بحسن الخلق والسلوك.

مسار:

الأخلاق صفة ثابتة في النفس والسلوك يتغير مع تقلب الأحوال.