مشاريع دولتنا باتت على كل جزء من أراضيها، ومهما كانت المدينة المتحضرة فخر التطور العمراني الشامخ، لم تغفل عن بقاعها الخضراء البسيطة الهادئة، فإحياء القرى وإنعاشها حضارياً وتراثياً، حركة تنموية مشرقة على صفحة خارطة الدولة، لتجديد مناطقها، واستغلال إطلالتها ووجهتها السياحية، وكأنها تلبس حلة جديدة، بإطلالة ولمسات تناسب تاريخها العريق، الحافل بالمواقع الأثرية لعصور بشرية سابقة عمّرتها، تخط مخطوطاتها التاريخية ومكتشفاتها والمقتنيات التي باتت حبيسة أدراج الزمن.
 
في قرية قدفع بإمارة الفجيرة، على دروب متسعة، يسير السائح وسط مزارع النخيل الشامخة، وبين أفلاجها يسري مياه آبارها لتحقيق الاستدامة الخضراء، ويغذي بصره من منتجاتها، وعلى ظلالها يتأمل غروب الشمس، خلف تلك السلاسل الجبلية المتدرجة في الألوان والأبعاد، ليصل لسواحلها المطلة على بحر عمان، النافذة والواجهة البحرية، ليشعر السائح بتنوع تلك الطبيعة، التي باتت متنفساً منعشاً لا بد منه في ضوضاء الحياة، ليأخذك باستجمام نحو رحلة فريدة بين منتجات خضراء من أراضيها، لمنتجات بحرية من عمق مياهها الزرقاء ورمال الشواطئ.
 
وكأنك لأول مرة تخرج من قوقعتك إلى واقعك، الذي بات جزءاً من صحتك النفسية، التي تنعكس على جودة الحياة في عصر رقمي يحتاج لتلك الفسحة، التي تمسح عنك غبار ومخلفات الضوضاء والشحنات السلبية، فحركة البشر في تلك البقاع من القرى، ستجذب المقيم والسائح، ليتعرف إلى حضارة ما زالت تخط المزيد على صفحات التاريخ، ليجتمع العالم والمؤرخ والجغرافي والجيولوجي، يسطرون مجداً عن مقتنيات باتت بصمات بشرية للإنسان الأول هنا، ونكمل على خطاه، بارك الله للإمارات مجدها، التي ما زالت تستكشف للعالم، بأنها تستأنف الحضارة، لترسم مخططاً جديداً، يسير على خطى ما بدأته العلاقات البشرية السابقة، قيادتنا الرشيدة بحكمتها وصلت للفضاء، ولكنها لم تنسَ ماضيها، لأنه الأساس الذي انطلقت منه، فهو البنية الأساسية التي بناها البدايات البشرية على أرضها، وأكملها الأجداد، ويصونها فكر ما زال في التاريخ يتصفح المجد، ويمتزج بعلوم وصلت للقمر.