«وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه». نسبة كبيرة من سلوك الأبناء الذي نشهده في الحياة انعكاس لسلوك الوالدين، فسلوكهم الإيجابي أو السلبي مع الآخرين يستقر في ذهنهم في المرحلة العمرية المبكرة ويتبرمجون على أنه الأسلوب الأمثل والأنجح في التعامل، وهذا السلوك هو ما يحدد طبيعة تفاعلهم الاجتماعي وسلوكهم مع الآخرين في مرحلة الطفولة ومن ثم المراهقة.

المفهوم الشائع عند الأغلبية من المختصين أن المراهقة مرحلة توتر واضطراب وعاصفة لا بد من المربين الصبر والتغاضي عن هفوات المراهقين المحتملة والتعامل مع أغلب الأمور والمواقف التي يمرون بها بحكمة وصبر لعبور هذه المرحلة بسلام.

قد تصبح هذه المرحلة انفعالية عند بعض المراهقين وذلك بسبب محاولة بعض أولياء الأمور تسيير أولادهم بناء على آرائهم الشخصية لأنهم متيقنون من أنهم أنضج وأكثر خبرة منهم، وبذلك تنعدم لغة الحوار البناء مع أبنائهم المراهقين، وتتلاشى الثقة وينقطع حبل الحوار الإيجابي في ما بينهم والذي قد يوجههم إلى طرائق خطأ في الحياة، ويتسبب في الانحراف عن الطريق القويم.

إذاً أغلب مشكلات أولياء الأمور مع المراهقين سببها نقص معرفتهم بطبيعة المرحلة ومتطلباتها، إذ يمر المراهق بمجموعة من الضغوط الخارجية، فعليه أن يقف على قدميه ويفكر لنفسه ويتخذ بعض القرارات ليحقق ذاته، ولذا لا بد من أن يدرك أولياء الأمور أن أكثر ما يحتاجه المراهق في هذه المرحلة إثبات الذات والتحرر والاستقلال وتجنب الصراعات التي تحدث مع أهله.

من المهم أن يشبع الوالدان حاجات المراهقين الثلاثة الأساسية وهي: «الإنصات الجيد» ليكسبوا محبتهم، و«الحب» عبر الكلمات الإيجابية والعناق واللمسات الحانية وثالثاً، «الصداقة وإتقان فن الحوار».

ختاماً، ينبغي للوالدين فتح نافذة عالم المراهقة لا كمراهقين بل كمربين، يتفهمون ويراعون مرحلة المراهقة ومتطلباتها الأساسية حتى يستطيع الجميع تجنب الصدام العنيف والتكيف معها ويسود الأسرة الترابط الوثيق وأجواء المحبة والطمأنينة.