في شهر رمضان المبارك تتلألأ القيم الإنسانية، ففيه يرتقي الصائم ليصبح نهراً جارياً من الخير والعطاء، نافعاً مباركاً أينما أصاب، قادراً على قضاء الحوائج والدفع بالإحسان، وندرك أن الخير في شهر الجود والبر والتسامح يكون مضاعفاً، ويساعدنا على ترسيخ القيم الإنسانية في أنفسنا والأجيال القادمة لتكون منارة تقودنا جميعاً للسير في الطريق الصحيح.
وفي رمضان تتجلى قيمة الوفاء الذي يعني اصطلاحاً «الصبر على ما يبذله الإنسان من نفسه، ويرهن به لسانه، والخروج مما يضمنه، وإن كان مجحفاً به». هذا التعريف يبين أهمية هذه القيمة وما تحمله من معانٍ جليلة، وللوفاء أنواع ودرجات متفاوتة، أعلاها «وفاء العبد لربه»، فالله عز وتبارك خلق الإنسان بقدرته، ورباه بنعمته، وطلب منه معرفة هذه الحقيقة، عبر قوله تبارك وتعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} «يس: 60 - 61».
وتطبيق الوفاء في حياتنا اليومية أمر مهم، فالوفاء أخو الصدق والعدل، فهو يمثل صدق اللسان والفعل معاً، ويرسي دعائم الثقة بين الناس، ويؤكد أواصر التعاون بين أفراد المجتمع، وإن تحلى الناس بالوفاء في عقودهم وعهودهم ووعودهم، وعلاقاتهم الاجتماعية والتجارية، ومعاملاتهم الإنسانية والمالية فذلك يحقق لهم الأمن والأمان.
يقول ابن حزم الأندلسي في كتابه «الأخلاق والسير»: الوفاء مركب من العدل، والجود، والنجدة؛ لأن الوفي رأى من الجور ألّا يقارض من وثق به، أو من أحسن إليه؛ فعدل في ذلك، ورأى أن يسمح بعاجل يقتضيه له عدم الوفاء من الحظ؛ فجاد في ذلك، ورأى أن يتجلَّد لما يتوقَّع من عاقبة الوفاء؛ فشجع في ذلك.
مسار:
الوفاء مركب من العدل والجود والنجدة