لم يقدّر الله سبحانه وتعالى أن ترزق إحدى النساء بالأطفال، لكن من شدة حبها لهم قررت كفالة يتيم، لتملأ الفراغ الذي سكن قلبها منذ سنوات، وتنثر بين أروقة المنزل أسمى معاني الطفولة والبراءة، لذا كفلت الطفلة اليتيمة ذات السنوات الثلاث، وبعد فترة كفلت الطفلة اليتيمة الأخرى ذات الـ 40 يوماً.

إن كفالة الأيتام هي سبب في لين القلب والبعد عن الشدة؛ إذ تكتسب الأسرة أو الأم الحاضنة صفات محببة كالرحمة واللطف وسعة الصدر التي تمنح هؤلاء الأيتام فرصة جديدة للحياة. في الواقع، الأمومة ليست فقط في إنجاب الأطفال، ولكنها تكمن في رعايتهم وتربيتهم والاهتمام باحتياجاتهم الأساسية، والأم الحاضنة بإمكانها أن تشبع غريزة الأمومة الفياضة من ناحية، وتحقق الاستقرار الأسري والنفسي لدى الطفل اليتيم، كما أنها ترتبط بالأيتام عاطفياً وكأنها أمهم الحقيقية الذين جاؤوا من صلبها، وتتضاعف عاطفتها نحوهم ويزداد حنانها عليهم عن حدود المشاعر المتوقعة كونهم أيتاماً وبأمس الحاجة إلى الاحتواء والرعاية المناسبة في بيئة الأسرة والمجتمع.

وضع الإسلام اليتيم في قلب المجتمع ليضمن حصوله على مشاعر الحنان والاهتمام والرعاية، وحدد أيضاً آداب التعامل الإيجابي معه من خلال ملاطفته والبشاشة في وجهه والتواضع وعدم التعالي عليه، والتحلي بالأخلاق الحسنة معه وإدخال البهجة والسرور إلى قلبه.

تعد رعاية وكفالة الأيتام قربة من أعظم القربات، لأن كافل اليتيم ينعم بمرافقة الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة، حيث ورد في الحديث الشريف: «أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ كَهاتين، وأشارَ بأصبُعَيْهِ يعني: السَّبَّابةَ والوسطى».

إذاً الإحسان إلى اليتيم من أعظم أبواب الخير، ولذا لابد أن نتقي الله فيهم ونسعى دائماً وأبداً إلى مراعاتهم والرفق بهم، لنتمكن من أن نهبهم حياة أفضل وأجمل وأجود.