تخيل لو كان كل ما تشعر به وتخفيه عن الآخرين واضحاً وضوح الشمس، تخيل لو كانت مشاعرك الحقيقية تكتب على الجبين من دون أن تتلفظ بكلمة، هل تظن أن أغلب المشاكل في العلاقات ستتبدد وتصبح الحالة النفسية أفضل، أم أن كشف كل ما تخفيه النفس قد يكون له تبعات سلبية، وجانب سوداوي، وألم غائر يصعب عليك أن تتحمل مرارته.
بلا شك وضع الحدود بما يتناسب مع كل موقف مهم، لأنه يزيل الشوائب، ويضمن الحفاظ على قوة العلاقات واستمراريتها لزمن أطول، وبروح أجمل. أحياناً، نغبط من استمرت علاقاتهم لسنوات طويلة، ونتساءل ما الذي ينقص العلاقات الأخرى، التي أصابها الفتور والضعف في أساسها، بعض تيارات المواقف المتتالية، التي تزلزل الحياة الجميلة في أرضها قد تغير ملامحها، وتحول الشخصيات المتناغمة فيها، وتجعلهم كالغرباء في أرض جديدة، ولكن علاقاتهم باهتة.
الحفاظ على دوام الحب في العلاقات يكمن في ذكاء السيطرة على المسافات، بمعنى ألا تقترب كثيراً فتلغي اللهفة، ولا تبتعد طويلاً فتنسى وتصبح في ملفات الماضي، صحيح أن الاحتكاك الدائم والمستمر المبالغ فيه بالناس، منذ بداية العلاقة قد يولد بعض التوترات، والشرخ في جدار العلاقة، إلا أنه من المهم أن تضع حطبك في موقد من تحب، وتبقيه مشتعلاً من دون انقطاع تام حتى لا يختل التوازن، ويستمر الحب.
لقد حدد العالم إدوارد هول الاتصال الإنساني فقال: «إن إدراك المسافة والمحافظة عليها مسألة مهمة لإبقاء الود والاحترام المتبادل في العلاقات ما بين الأشخاص، والذي يضمن عدم تجاوز الحدود، وبقاء شعلة الود والاحترام مستمرة ومتبادلة، وبالتالي يزيد من قيمة الذات وشعورهم بالسعادة والرضا».
إذا عليك أن تتذكر دائماً أن بعض الأشخاص يظلون بالجمال نفسه ما لم تقترب منهم كثيراً، لذا لا تفتش في الصناديق المغلقة فتجد ما لا يرضيك.