في يوم دراسي جديد، يسأل الأستاذ الجامعي إحدى الطالبات عن اسمها، وما إن تلفظت باسمها حتى تغيرت نبرة صوته من اللين إلى الحزم، طالباً منها أن تغادر المكان مباشرةً، منوهاً أنه لا يريدها أن توجد في محاضراته بعد اليوم نهائياً، كان الصمت سيد الموقف، فلقد أصيبت الطالبة بالدهشة، أو ربما الصّدمة؛ لأنها لم تعطَ حقها في الدفاع عن نفسها، ولم يدافع عنها زملاؤها، بل بقي الجميع صامتين.
يا لهُ من موقف، ويا له من شعور!! لم تستوعب الطالبة التي طُردت قرار الأستاذ، ولم يستوعبه أيضاً جميع الطلاب في الفصل، فما الذنب الذي اقترفته الطالبة لتُحرم من أبسط حقوقِها كطالبة علم؟!
بعد هذا الموقف الصادم سأل الأستاذ جميع الطلاب عن أسباب وضع القوانين، من وفق في الإجابة ذكر لتحقيق العدل، وحين سألهم عن أهمية تحقيق العدل، تم تحديد أنها تحفظ الحقوق وتمنع الظُلم. فسألهم تباعاً إن كان تصرفه مع زميلتهم غير منصف، وكانت جميع الردود بالإيجاب إنه جزماً لم يكن منصفاً وعادلاً في حقها، فأخبرهم الأستاذ أن سكوتهم وعدم منعه من تطبيق هذا الظلم على زميلتهم يفقدهم إنسانيتهم، وحين يتكرر ويزداد هذا السلوك بين الأفراد يزداد الظلم والفساد في المجتمعات.
اليوم كم من موقف كان يحتاج فيه الموظف فقط شهادة زميل بالحق لكي تحفظ حقوقه وتجعله يستمر في العمل، ولكن زميله خاف أن يفقد وظيفته فظل صامتاً، كم من طالب كان على دراية تامة أن زميله لم يغش في الامتحان، ولكنه ظل صامتاً حتى لا يظن المعلم أنه شريك له، وكم من صديق يؤمن بنزاهة ومصداقية أحد أصدقائه، ولكنه لم يتلفظ بكلمة، ولم يدافع عنه حتى لا يفقد علاقته الراسخة مع بقية أصدقائه المقربين؟
تذكر دائماً أنه لا توجد فضيلة عظيمة فعلاً تضمن حفظ حقوق البشرية كالإنصاف وتحقيق العدالة.