خلال فترة حملها كانت تنتظر طفلها بفارغ الصبر، لم يكن يغيب عن بالها منذ بداية حملها، فلقد كانت باستمرار تخطط وتنظم، وتوفر جميع احتياجات الطفل المنتظر، ابتداء من مستلزمات المولود الجديد إلى الاحتياجات الضرورية، التي تضمن سلامة الطفل الجسدية.
وتمر الأيام، ويأتي أخيراً المولود ليغمر الأم، وجميع أفراد الأسرة بالسعادة المطلقة، التي تم انتظارها بفارغ الصبر، خلال 9 أشهر، ولكن في اليوم التالي تلاحظ الأم على طفلها بعض التفاعل الغريب والمريب، الاختلاف بلا شك طبيعي، ولكن اختلاف هذا الطفل غير مطمئن، هو ليس كبقية إخوته، هو إن صح التعبير ليس كالأطفال الأصحاء، هل يعقل؟
شعرت الأم فجأة أن الدنيا بأكملها أصبحت أكثر سوداوية، وبدأ ينتابها الاستياء والخوف من المستقبل، أرادت أن تكذب مخاوفها قدر المستطاع، ولكن يدخل الطبيب الغرفة، ليثبت لها أن مخاوفها تلك صحيحة، وفي محلها، حسم الأمر وليدها من ذوي متلازمة داون.
حتماً مراحل ردود فعل الوالدين السلبية ومشاعرهما المتلاطمة في بداية اكتشافهما أن لديهما طفلاً من أصحاب الهمم طبيعية جداً، ولكن زيادة ردة فعل الوالدين غير المتوقعة قد تصبح عقبة مدمرة في الطريق، والتي قد تؤدي إلى زيادة الإنكار، وعدم تقبل حالة الطفل بسهولة.
لذا من الأمور المهمة، التي يحتاج إليها بعض أولياء الأمور، والتي تساعد في تمكينهم هي اللجوء إلى مدرب متخصص في الجانب الأسري، الذي يمكن ولي الأمر من وضع خطة واضحة في إدارة حياة الأبناء، وتحديد الأهداف من خلال الاستماع والإنصات، وطرح المدرب بعض الأسئلة الفعالة والعميقة.
تيقن تماماً أن اللجوء إلى مدرب تطويري يمكن الوالدين من الانتقال بوعي وإدراك من مرحلة الإنكار والهروب، واضطراب التفكير والتجاهل، ورفض تصديق حقيقة وجود طفل يعاني من متلازمة داون لديهم إلى مرحلة أكثر توازناً وتنظيماً لحياة الطفل وأولياء الأمور، والذي يحقق في نهاية المطاف السعادة والتقبل.