توظف أحد الخبراء، الذين لهم خبرة طويلة في إحدى المؤسسات، التي ظن أنها ستكون في نهاية مسيرته العملية مسك الختام، كان منصبه فيها عالياً جداً، والمهام التي كلف بها آنذاك زادت من رصيده المعرفي بشكل لافت، ومع مرور السنوات أصبح مختصاً في مجال عمله، بسبب دوره الاستثنائي لسنوات طويلة، ولكن حدثاً خالف جميع التوقعات بين ليلة وضحاها، بسبب تغير سياسة المؤسسة، فتغير الحال، وانقلب رأساً على عقب، لأن سياسة المؤسسة الجديدة يتطلب فيها تطبيق بعض الإجراءات، التي لم تتناسب مع مهارات وخبرة بعض الموظفين، لذا اضطر البعض للرحيل.
إن الظروف السيئة لا تجبر أحداً على الفشل، وبلا شك بعض الظروف الطارئة قد تتسبب في ارتباك الأشخاص، وانحدار مستوى العزيمة والطموح لديهم، وبالتالي تفقدهم الآمال والعزيمة، وتمنعهم من وضع الأهداف، التي لطالما كانوا يطمحون ويسعون دائماً بجد وإخلاص إلى تحقيقها، ولكن بعض الخسارات أو التغيرات محتملة، فما الذي يتسبب في زيادة هذا الموقف فشلاً والأشخاص تراجعاً واستسلاماً؟
في الواقع الاستسلام للظروف، وتقمص دور الضحية هما أحد مسببات الفشل، لأنها تجعل الشخص تحت سيطرة الظروف أو الأشخاص أو الأشياء، فيصبح مشلول التقدم والنجاح، رافعاً راية الاستسلام السلبي، واحتقار الذات والآخر، فيبدأ تدريجياً بالتراجع للخلف إن لم يساعد الشخص نفسه.
لذا لا بد أولاً من تحرير النفس من مشاعر الماضي السلبية، والمرتبطة بذكرياتها المؤلمة، من خلال الكتابة المستمرة، والسماح لهذه المشاعر المكبوتة بالخروج، ومحاولة تجنب السقوط في فخ الانتقام من الأشخاص، الذين تسببوا في مرارة الإيذاء، لأن الانتقام يضر النفس أكثر مما يضر الآخر، وبالتالي لن يحقق التقدم في حياته.
وتذكر دائماً أهمية «اعتزال ما يؤذيك، وعدم الانشغال بالآخرين»، بل تقبل وجودهم، واعتبرهم دروساً أسهمت في تطورك وتعليمك، وحاول أن تسامح ليس لأنهم يستحقون، ولكن لأنك تستحق السلام الداخلي.