كبار المواطنين فئة غالية على قلوبنا جميعاً، وهم بلا شك كنوز عظيمة توجد بيننا، ولا بد أن نحافظ عليها جيداً، هذه الفئة قد تكون والديك اللذين بذلا قصارى جهدهما في تربيك وتنشئتك تنشئة طيبة وصالحة، ولهما بصمة إيجابية في مسيرة حياتك اليوم. ولكن هل ينتهي عطاء آبائنا في مرحلة عمرية محددة؟ وهل يحكم على طاقتهم الهائلة على أنها لم تعّد لائقة لكبر سنهم؟.
كبار المواطنين قادرون على تقديم إسهامات عدة للمجتمع بعد التقاعد، عن طريق العمل التطوعي، ونقل الخبرات والمعرفة، من خلال خبرتهم الطويلة التي اكتسبوها من محطات الحياة المختلفة لسنوات طويلة، التي ساهمت في صقل مهاراتهم، ليكونوا ما هم عليه اليوم، فلقد وصلوا مرحلة معرفية كبيرة وعميقة، صار بإمكانهم نقل تلك المعرفة للأجيال في الجامعات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، ولأبنائهم أيضاً النصيب الأكبر من هذا الزخم المعرفي.
وحتماً تبقى عملية التوازن ومراعاة حالة آبائنا النفسية، مهمة جداً، لنضمن استمرار العطاء، فمن جانب نتجنب عدم إقحام الوالدين في مشاكل الأبناء، من خلال تزويدهم بأدق التفاصيل المؤلمة التي تواجه الأبناء في العمل من قبل المديرين والموظفين، أو حتى الأصدقاء، لأن هذه التفاصيل المؤلمة ستتلاشى من ذاكرة الأبناء مع مرور الوقت، وترجع المياه إلى مجاريها، ولكنها ستظل مغروسة في ذاكرة الوالدين، وتتسبب في انزعاجهما وتدهور حالتهما الصحية.
في الجانب الآخر، لا نبالغ في الحرص على صحتهم وراحتهم النفسية، لدرجة أنك تتسبب في إيذائهم، لأن قدراتهم وقوتهم الجسدية من دون حركة ستتراجع، وكأنك تسهم في تدميرهم بشكلٍ بطيء.
تذكر دائماً أن عطاء بعض الآباء لا يزال مستمراً، حتى بعد التقاعد، فلم توقفهم مرحلتهم العمرية من العطاء والاستمرار في تحقيق النجاحات، ومنجزاتهم خير دليل على تميزهم ودورهم الاستثنائي، حتماً كبارنا هم روح الدار، وهم السند والقدوة لنا ولأجيالنا والمجتمع، دائماً وأبداً.