البحث عن الوفاق العالمي والتقارب بين الشعوب، ليس أمراً جديداً في عالم الدبلوماسية والعلاقات الدولية، بل هو هدف ناضلت من أجله أجيال من المفكرين والسياسيين ودعاة الحوار الثقافي، وسارت على منواله المنظمات الدولية، بنشر خطابات مختلفة، ومنها «التنوع الثقافي».

والبحث عن الوفاق بين جميع شعوب الأمم، يجعلنا ننظر إلى علاقتنا بالآخر المختلف، باعتباره شرطاً من شروط وجودنا، لأن أي مجتمع لا يستطيع العيش دون تواصل وعلاقات مع المجتمعات الأخرى.

تشهد وسائل الاتصال اليوم ثورات عقب ثورات، ولم يعد من السهل قبول منطق استقواء دولة على أخرى، فقد تقلصت الفوارق الفكرية والنفسية والاعتقادية بين البشر، بسبب انفتاح الشعوب على بعضها البعض، وانتقال العالم من تاريخ الإعلام التقليدي، إلى الإعلام الرقمي، فصار العالم أشبه بقرية صغيرة.

غالباً ما تكون الثقافة مؤثرة في صناعة الصورة التي تحتفظ بها الدول عن بعضها البعض. ويزداد أثر الثقافة، كلما تمكنت الدول من أدوات الجاذبية والإقناع، فتتحول المثل التي تنادي بها عبر دبلوماسيتها الثقافية، إلى أفق خلاص لبعض الشعوب، أو طموح لبعضها الآخر.

تبادل الأفكار والمعلومات وكافة السلع الرمزية دون إكراه، هو وسيلة الدبلوماسية الثقافية، وهذا التبادل يضمن بقاء تأثير أي دولة في دول أخرى، أكثر من الهيمنة العسكرية أو الاقتصادية، ولا يعني ذلك أن الدبلوماسية الثقافية شأن تختص به الأجهزة الحكومية فقط، بل للمثقفين والنخب والأدباء والفنانين دور مهم في تطوير أثرها وجاذبيتها، ورغم ذلك، يظل دور الدولة أساسياً.

لذلك، نحن بالإمارات واعون تمام الوعي بهذا الأمر، ومارسنا الدبلوماسية الثقافية بتميز، ما عزز مكانة دولتنا وتفاعلها مع العالم، فكانت تجربة السنوات الثقافية بين الإمارات ودول العالم، علامة فريدة على نجاح الثقافة في بناء جسر بين الشعوب، وتعزيز التفاهم، من خلال تبادل التجارب الإبداعية، واستكشاف التنوع الثقافي والتفاعل الحضاري.