كم شخصاً غمرك باللطف وحسن المعاملة في مراحل الدراسة فوثقت به مئة بالمئة؟ وكم شخصاً صنع لك معروفاً في أحد المواقف في بيئة العمل فشعرت تلقائياً أنه مختلف عن البقية ومحلُ ثقة؟ وكم شخصاً كشف لك بعض التفاصيل عن حياته الخاصة، فشعرت بمدى قربك منه وزادت ثقتك العمياء به بشكلٍ كبير؟
ولكن هل جميع الناس مؤهلون ويستحقون ثقتنا العمياء؟
حدثت قصة حقيقية في أمريكا لأحد الأشخاص عندما اُتهّم بجريمة قتل، هذا الشخص كان واثقاً من براءته لأنه بالفعل بريء ويملك أحد أقوى المحامين، ولكن للأسف لم ينصفه أحد ولا القضاء ولا حتى الحقائق والأدلة وحكم عليه بالسجن المؤبد، يا له من موقفٍ صادم أدى إلى تعرض هذا الرجل إلى صدمة ثقة بالجميع إلا أخته الفقيرة التي كانت مقتنعة تماماً ببراءته، كانت تعمل صباحاً ومساءً والتحقت أيضاً بالجامعة ودرست القانون لتتمكن من مساعدة أخيها.
وبعد مرور خمس سنوات تخرجت وحصلت على الشهادة، ثم ذهبت إلى المحكمة وطالبت بفتح ملف أخيها المتهم ظلماً، وبعد محاولات كثيرة حدث ما لم يكن متوقعاً وهو الحصول على براءة أخيها، هذا الموقف الذي دونتهُ محاكم أمريكا في التاريخ.
لابد من الانتباه إلى نفسك والمحافظة على التوازن في حجم الثقة في العلاقات، فحين تضع كل ثقلك على أحدٍ معين بسبب وهم الثقة العمياء، تتوالى المواقف واحداً تلو الآخر فتشعر حين تتعرض للألم في أحد المواقف لأي سبٍ كان أن الوجع قاسٍ جداً، ويكون أكثر إيلاماً حين تتعرض إلى خيانة تلك الثقة ممن وثقت بهم ولم تتوقع أنهم سيتركونك في منتصف الطريق تواجه جميع المصاعب وحيداً.
إذاً حاول أن تركز على نفسك وثق بها فقط ثقة عمياء ثم حاول أن توزع ثقتك في الأشخاص على مستويات، وأحسن اختيار الأشخاص الذين تثق بهم.