يقول أحد الأشخاص إن صديقه المقرب كان يحترم والده كثيراً، ويسعى دائماً لإسعاده ونيل رضاه، كان متفوقاً ومجتهداً، ويحاول بشتى الطرق الوصول لأعلى المراتب ليفتخر به والده، ولكن للأسف كانت جميع محاولاته تبوء بالفشل؛ لأن والده صعب الإرضاء، فلا بد من بذل أقصى الجهود لإرضائه، والتي تنتهي بعد كل محاولة بالخيبة وفقدان الأمل.

بقيت آخر محاولة حين أكمل المرحلة الجامعية في الخارج، فقد حصل على أعلى الدرجات. نجاح بمرتبة الشرف، شعر حينها أنه وأخيراً تمكن من تحقيق حلمه ونيل رضا والده، حيث هاتفه ليزف لهُ الخبر راجياً أن يكون فخوراً به، قبل أن يصله الرد غير المبالي: «يا بني، أنا مشغول سأتصل بك لاحقاً». كانت هذه العبارة القشة التي قصمت ظهر البعير، عبارة قاسية دمرت حياة ابنه من خلال مرافقة رفاق السوء وتعاطي جرعات مفرطة حتى تدهورت صحته ومات.

غالباً ما يأتي الشعور بالدونية من مواقف صادمة بدأت منذ مرحلة عمرية مبكرة، فحين يفقد الطفل شعوره بالاستحقاق، يصل مرحلة الرشد هشاً بجراح نفسية مزمنة، فلا يشعر أنه يستحق ما يرغب به، ويبدأ بإعطاء الآخرين الأحقية في هدم ثقته بنفسه.

الكلمة لا تموت، ولا أثرها، لذا منح الأطفال فرصة لإظهار إنجازاتهم البسيطة أو التحدث عن الأشياء التي يصنعونها تتيح لهم معرفة أن أعمالهم بلا شك مهمة ومقدّرة. كما أن انتقاء الكلمات بحرص ومدح الطفل على إنجازاته بشكلٍ مستمر، وطمأنته عند إخفاقاته، كل ذلك يمكّنه من إعادة المحاولة وعيش حياة غنية بالإنجاز والرضا.