قفز الشخص من السرير وهو في سباق مع الدقائق والثواني، فلقد تذكر موعده مع صديق مقرب، طلب منه أن يقله إلى المطار في الصباح الباكر، ارتدى ملابسه بلمح البصر، ورفض تناول الإفطار، فالطريق إلى منزل صديقه يستغرق نصف ساعة، ولم يكن أمامه متسع من الوقت.
ركب سيارته وكأنه يسابق الريح إلى أن وصل إلى منزل صديقه بعد وقت طويل، وهنا بدت علامات الغضب على وجه صديقه، وحين أوصله أخيراً إلى المطار اكتشف أنه تأخر عن موعد طائرته، ولم يتمالك الصديق نفسه، لذا أطلق الكلمات السلبية بقوله «أنت إنسان فاشل، ولا فائدة منك»، وهنا بدأت عملية جلد الذات، فكيف له أن يتأخر على صديقه، لقد وضع نفسه في موقف لا يحسد عليه.
أحياناً يبالغ البعض في اعتقاده بأن مشكلته كبيرة، لذا، يبدأ بجلد الذات، ويعد جلد الذات مرضاً نفسياً، وأسبابه قد تنحصر في إخفاقات الفرد في إقامة بعض العلاقات أو الشعور بالتقصير، فيبدأ بإقناع نفسه أنه يستحق السخط وعدم الرضا، فيدخل نفسه في دوامة جلد الذات، التي تعود عليه بالسلب، لأنه يحمّل نفسه قدراً كبيراً من الغضب واللوم.
يقول روبرت ديلتز أحد مؤسسي علم البرمجة اللغوية العصبي «يمثل الاعتقاد أكبر إطار للسلوك، وعندما يكون الاعتقاد قوياً ستكون تصرفاتنا متماشية مع هذا الاعتقاد».
بعض المعتقدات قد تكون سلبية لتصنع بين أي شخص وتحقيق أحلامه ورغباته حائلاً قوياً بل سداً منيعاً، لذا كن متزناً، وتيقن أنك في الأخير إنسان ولست ملاكاً، والبشر غير معصومين بل يُخطئون.
لذا، بدلاً من جلد الذات على غلطة عابرة أو التباكي شفقة على النفس، حاول قدر الإمكان أن تتسامح مع الذات، وإعطاء المواقف نظرة أكثر واقعية، فالكمال حتماً غير موجود.