ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا هو خير لربما لن نتمكن من اكتشافه اليوم، ولكن في وقت لاحق، فلو تمعنا في قصة السفينة في سورة الكهف، لأدركنا أنه لو لم تثقب السفينة، لأخذها الملك قهراً من جميع الفقراء، ومضى بها، فخسروا مصدر رزقهم، وذلك الغلام لو لم يقتل لشقي وشقي والداه، حتى الجدار لو لم يقم لضاع حق جميع الفقراء الأيتام. لذا، من المهم أن نثق دائماً بأن رب الخير لا يأتي إلا بالخير، علينا فقط أن نحسن الظن بذلك في كل أمور حياتنا.
الحياة عموماً ليست دائماً وردية، فقد تواجهك في الحياة بعض الصعوبات والظروف الصعبة غير المتوقعة، فتشعر تلقائياً أن الحياة باهتة، فلا مصدر رزقك الذي سعيت له طويلاً، واجتهدت قدر المستطاع في تنميته لسنواتٍ طويلة، استمر، ولا حتى توقعاتك وأهدافك قد تحققت كما تريد وتتمنى. ولكن مع مرور الوقت يحدث ما يفوق توقعاتك، تتغير الأحوال للأفضل، وتمطر عليك الرحمات، وتنتبه إلى الإشارات التي يرسلها رب العباد لك، فتستوعب بعدها أن كل ما حدث لك في السابق، كان يحمل بين طياته الخير الكثير.
اليوم، كم من صداقات خفّ بريقها بسبب انعكاسها السلبي على راحتك النفسية وصحتك، رغم تمسكك الشديد بها، واهتمامك بأدق تفاصيلها، وكم من وظيفة ظننت أنها ستكون مسك الختام بعد التقاعد، ولكن تفاقمت فيها المشاكل بشكلٍ لافت، فتمرّد عليك الزملاء والمديرون، وزاد عليك العبء الوظيفي، فأجبرت عنوةً على الرحيل وأنت في منتصف الطريق.
ولكن بعد فترة من الزمن، عندما تتغير الأحوال والظروف نحو الأفضل، تتيقن تماماً أنه لو كان كل ما تتمناه آنذاك خيرٌ لك، سيسوقه الخالق جل في علاه إليك لا محالة، فرب الخير لا يأتي إلا بكل خير.