تقول إحدى الأمهات إنها متفهمة وحريصة كل الحرص في تربية بناتها بالتساوي والعدل، فلا تظن أنها أخفقت في تربيتهن كما ينبغي بالشكل المناسب والمطلوب، لذا تتعجب وتندهش من أسباب هدوء وطاعة ابنتها الكبرى لها في كل الأمور، بينما الصغرى متمردة غير مطيعة في بعض الأحيان ولها شخصية قوية ومستقلة لا تنصاع لأوامر وطلبات الآخرين بسهولة.
في الواقع نسبة كبيرة من سلوك الأبناء الذي نشهده في الحياة ما هو إلا انعكاس لسلوك الوالدين، فسلوكهم الإيجابي أو السلبي معهم ومع الآخرين يرتكز في أذهانهم في المرحلة العمرية المبكرة ويتبرمجون عليها، وبالتالي يحدد تفاعلهم الاجتماعي وسلوكهم تباعاً في مرحلة المراهقة، مرحلة إثبات الذات التي لها طبيعتها ومتطلباتها الخاصة.
بلا شك، الأبناء في كل مرحلة عمرية مختلفون، ففي مرحلة الطفولة ومرحلة المراهقة وسن الرشد هم ليسوا سواسية إطلاقاً، لذلك يتوجب مراعاتهم وتجنب المقارنة بأي شكلٍ من الأشكال.
اليوم تتردد كثيراً على مسامعنا مشاكل البعض مع الأبناء والشكوى المستمرة من تصرفاتهم وأفعالهم غير العقلانية أو المبالغ فيها في ظن بعض أولياء الأمور، لذا يتم الحكم مباشرة على أنها مشكلة أساسية في الأبناء ولابد من معالجتها بأسرع وقت ممكن، علماً بأنها تتسبب في انزعاج وارتباك وحيرة الوالدين، ولكن البعض يغفل أن المشكلة الأساسية قد تكون بسبب قلة معرفة الوالدين بطبيعة المرحلة في المقام الأول، فكل مرحلة عمرية لها متطلباتها واحتياجاتها النفسية والمعنوية الخاصة التي تساعدهم وتشكل شخصيتهم ليكونوا فاعلين في بيئة المنزل بشكل خاص، وفي المجتمع عموماً.
من المهم أن يدرك أولياء الأمور والمربون دائماً وأبداً أن جميع الأبناء مختلفون في كل مرحلة عمرية وهم ليسوا نسخة مكررة من إخوتهم أو غيرهم، هم حتماً يتميزون باختلافهم.