السمعة.. من بنائها إلى حمايتها 1/2

ت + ت - الحجم الطبيعي

السّمعة، تبنى على إنجازات سابقة وانتصارات، ومذ عرفتها البشرية، وطورت مناقبها، كانت السمعة سلاحاً، يحقق لمالكها ما اعتقده، يوماً، أنه المستحيل بعينه.

الشخص قد يكون مستعداً لإعطاء أصدقائه ماله، وحياته، إذا دعت الحاجة، لكن لا توجد حالة تجعله يتقاسم شهرته معهم. لا أحد يقدم سمعته هدية للآخر. السمعة الشائعة تزداد أهمية، بل تعد من النفائس النادرة. يقول الفيلسوف الألماني نيتشه: «إن حمل ضمير فاسد أسهل من حمل سمعة رديئة». وكان هنري كيسنجر، السياسي الأمريكي، ممن يعتمد على سمعته كمفاوض بارع في النزاعات؛ إذ لا أحد يرغب أن يُعرف بأن حتى كيسنجر لم يستطع ثنيه عن رأيه.

في ميادين المواجهات والمعارك، تسبق السمعة صاحبها، فيدب الرعب في قلوب الخصوم، أيّاً كانوا؛ فهي قد ترغم جيشاً مهاجماً على اتخاذ وضع الدفاع، بل تضطره للتراجع قبل أن تنطلق ضده طلقة أو سهم. هذا ما استعمله القائد الصيني «تشوكو ليانغ»، مع خصمه «سيما يي».

كان ليانغ قد أرسل جيشه إلى مناطق بعيدة، ليرتاح هو في مدينة صغيرة مع حفنة من جنوده، وإذ به يتفاجأ بالحرس يخبره، بأن قوة معادية قوامها 150 ألف جندي تقترب من المدينة، يقودها سيما. قدّر ليانغ أن قلة الجند لن تقدر على منع أسره، وهو الملقب بـ«التنين النائم» الذي لم يدخل معركة إلا وانتصر. لم يضع وقته، بل أمر بفتح أبواب المدينة على مصاريعها، واختباء جنوده. ليجلس هو في مكان بارز على سور المدينة، مرتدياً جلباباً، مشعلاً بعض البخور، يعزف على آلة موسيقية، ويغني.

وقف سيما بجيشه على أبواب المدينة، وعلى الفور عرف الرجل الجالس على السور. تردد، بينما جنده كانوا يتحرّقون لدخول المدينة غير المحروسة، لكنه منعهم، متردداً، ثم فكر، يدرس حال ليانغ، جالساً يغني؟ ثم فجأة أمر جيشه بانسحاب فوري. والسبب: الذهول، واحتمالية الفخ. ولعبة التخويف والتحدي.

Email