عندما لا نريد أن نفهم!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الحياة تجارب متنوعة وخبرات مختلفة، فيها أحداث كثيرة، ومنها أحداث نعجز عن فهمها، أو عن حتى كيفية التعامل معها.. عندما نصل لمرحلة عمرية متقدمة، تكون الحكمة والتأني والتفكير العميق، هي إحدى الممارسات التي اكتسبناها من الأيام والمواقف التي مرت بنا.. البعض، وهم قلة، وأعتبرهم الأكثر ذكاء، لا يتردد في الاستشارة وطلب النصح، خاصة ممن يكبرونه سناً، والأكثر خبرة، والسبب ببساطة، الاستفادة من تجاربهم وخبراتهم، لكن المدهش في الأمر، أنه توجد أحداث أو مواقف نكون وقعنا في الخطأ عند محاولة معالجتها، ثم تعود نفس القصة والدراما مرة أخرى، ونرتكب نفس الخطأ مرة ثانية، وهو ما يعني، بطبيعة الحال، عدم الاستفادة من التجربة، رغم مرارتها وقسوتها وألمها، وعلى سبيل المثال، تجد صديقك بدأ يلمح لك بأنه لم يعد لديه أي استعداد ليقدم المزيد من الخدمات المجانية، لأنه وجدك انتهازياً استغلالياً، تهتم لمصلحتك الذاتية، دون أن تبدي ولو اهتماماً قليلاً بشؤونه وأفكاره وتطلعاته ومستقبله، وبكل ما تعني مفردة العمل الصرف، يقوم هذا الصديق بنقل علاقة الصداقة إلى علاقة عملية مادية.

ننسى أو لا نريد أن نفهم أن العلاقات الإنسانية الناجحة السعيدة، تقوم على التكافؤ والحب والمساواة، وتبادل الاهتمام والعناية ببعض، إذا فقدت هذه المفاهيم من أي علاقة إنسانية، أو عندما يميل الميزان، أو عندما يحدث خلل، أو حتى انحراف بسيط، تكون النتيجة بالغة القسوة والألم، المشكلة أننا نكتفي بإلقاء اللوم على الآخر، بمعنى أننا لم نستفد من درس قيّم وبالغ الأهمية في علاقاتنا الاجتماعية.

عندما تنهار أي علاقة لك بالآخر، لا تبدأ في النواح والبكاء، ثم إلقاء اللوم عليه، لأن هذه أبسط طريقة لتعويض نفسك ألم الفقد، وأسهل وسيلة لتتغلب على جرحك، ثم ستفقد درساً كان سيفيدك في المستقبل، درس فيه ملامح الأخطاء التي وقعت فيها، وإذا أمعنت النظر جيداً لها، ستفهم كم يعني أن تصغي وتحلل بشكل جيد، وبالتالي، تتجنب الوقوع في الخطأ مرتين، لكننا، بكل بساطة، لا نريد أن نفهم!

 

Email