الخوف يفقد الإنسان توازنه

موضوعنا قد يعالجه علم الاجتماع، أي الحياة الاجتماعية والأسباب وعواقب السلوك.

وقد يكون علاجه في علم الأنثروبولوجيا، كونه العلم الأشمل للبشر من منظور مقارن. على أي حال، إن كان هنالك عِلم ثالث يختص بموضوعنا، فسيكون علم النفس.

هل لاحظ أحدنا نفسه، كم مرة ينطق في اليوم كلمة «أخاف»؟ البعض ربما لاحظ وتساءل، لكن آخرين..لا. وهم معذورون في ذلك؛ فكلمة «أخاف» لكثرة تكرارها أصبحت من السائد، والتلقائي المألوف. بل تحولت إلى لازمة لفظية لدى أغلبنا، نؤديها من دون الشعور الكامل بتداعياتها في اللاوعي. هي كلمة سلبيّة، جالبة للضيق ومشحونة بالإحباط.

نقول: أخاف أن أتأخر عن المدرسة. أخاف إذا اتصلت به ينزعج. أخاف إن ذهبت لخطبة الفتاة، ألا يوافق أهلها. أخاف أن أتأخّر على موعد الطائرة. أخاف إن رسبت هذا العام، لا أمنح فرصة ثانية للامتحان. أخاف إذا سافرت ألا أتمكن من العودة. أريد أن أحدثك بالموضوع لكن أخاف أن تفهمني خطأً.

السؤال المحيّر: من أين قفزت إلينا كلمة «أخاف» هذه؟ وكيف اقتحمت كلامنا المحكي، اليومي، وتسربت إلى نفوسنا؟ أليست هي ظاهرة اجتماعية مهملة؟ ربما.

إن الخوف كالكآبة، مرض خطر ومعدٍ. إذا جلس رجل خائف إلى أربعة أشخاص، أعداهم بخوفه جميعاً، أو أقله، نفّر أرواحهم من المكان. الخوف يخلخل التوازن الضروري لدى الإنسان، وقد يقضي عليه تماماً، فيضعف الإنسان في حياة سريعة على الأرض، تصعب يوماً بعد آخر.

فلاسفة كثر أجمعوا على أن التوازن المهم في الإنسان، يوفره شيئان، عليه الابتعاد عنهما ما وسعه سبيلاً: الرهبة والرغبة. الخوف الذي يضرب القلب، والجشع الذي يأخذ بالنفس.

علمياً، القدرة القصوى للإنسان على التطوير، نسبتها 20 %، لكن نسبة الـ80 % المتبقية هي مسؤولية المجتمع. إن كلمة «أخاف» أشبه بالبعوضة. ليس حلاً قتلها. الحل، تجفيف المستنقع وتغيير الثقافة الاجتماعية السائدة، تحصيناً للإنسان السليم والمعافى.

الأكثر مشاركة