أحياناً نتعجب لعدم استمرارية الحب في بعض العلاقات، رغم قوتها وصلابتها، كما كانت تبدو منذ البداية، في حين هناك علاقات تستمر لسنواتٍ طويلة، وتزداد قوتها على مر السنين، بالرغم من مرورها ببعض المواقف الصعبة والعثرات والعقبات، فتبدأ تتساءل، كيف تمكّن الطرفان من الصمود والحفاظ على هذه العلاقة برونقها وجمالها، دون أن يشوبها أية مشاعر سلبية منفرّة؟ وهل الحب هو ما يضمن استمرارية أغلب العلاقات؟.
الحب عادة قد يشتعل وينطفئ، وقد ينقلب إلى النقيض تماماً على أدنى وأبسط مشكلة، ولكن المودة والرحمة، تظل مستمرة، من خلال قوة وصلابة الانسجام والتوافق بين الطرفين، أما الحب المبالغ فيه، والاحتكاك الاجتماعي الكبير، هو الذي يحوّل علاقات بعض الأفراد إلى خلافات واختلافات، قد تولّد مشاحنات ومصادمات غير مرغوبة.
بعض العلاقات قد تنشأ بسبب الحب والتعلق العاطفي، وتستمر لفترة طويلة، وتصل بعد سنوات إلى نقطة التحول، بحيث تبدأ تتغير هذه المشاعر تدريجياً، ويخفت بريقها بسبب ظروف الحياة التي يمر بها الطرفان، ولكن قد تظل العلاقة صلبة ومستمرة لفترة من الزمن، لأن ما يربط الطرفين هو المودة والرحمة.
اليوم تجد أحد كبار السن يعتني بزوجته، ويذكِرها بمواعيدها الطبية باستمرار، لتظل دائماً في أفضل حال، بغض النظر عن حالتها الصحية السيئة، التي تعكّر صفو مزاجها بين الفينة والأخرى. وحين تزداد حالتها سوءاً، يردد على مسامع أبنائه، ما جعلني صابراً طوال حياتي الزوجية، هي العشرة والمودة والرحمة، ولأنه لا يعتقد أن أحد أبنائه بإمكانه أن يتحمل تقلب مزاج والدتهم المفاجئ، أو يقوم بمتابعة مواعيدها في المستشفى بشكلٍ مستمر، لذا، يفضّل أخذ زمام الأمور، وإسعاد زوجته بنفسه.
فعلاً، أوجد الخالق سبحانه وتعالى الأزواج للسكن، فوجودهم الدائم معاً، بحد ذاته، هو مدعاة للإحساس بسكينة النفس وطمأنينتها واستقرارها، خصوصاً عندما يقترن عطاؤهم للواجبات والمسؤوليات، بالمودة والرحمة.