تصحيح الذكريات الكاذبة

تحضر أحد التجمعات المميزة مع أصدقاء الطفولة الذين طالما انتظرت لقاءهم، ويبدأ أحدهم بسرد قصص الماضي الجميل على مسمع الجميع، مذكّراً إياك بأدق التفاصيل لبعض المواقف المبهجة التي عشتها وحدثت معك.

لكنه قد يبالغ في وصف أحد التفاصيل، فتبدأ بالتساؤل: هل خانتك الذاكرة، أم أن هذه مجرد إضافات لجعل تلك الذكريات تبدو أجمل وأكثر إمتاعاً؟ وفي موقف آخر، قد تجزم بثقة وتخبر والدتك أنك وضعت جميع الكتب التي اشتريتها للتو على طاولة مكتبة المنزل، ولكنك تفترض أن أحد الأطفال قد بعثرها أو ألقاها في مكان آخر.

وبعد تحقيق مطوّل وممل، تكتشف أن جميع تلك الكتب موجودة في غرفتك، وهذا ما يُعرف بالذكريات الكاذبة. السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تتكون هذه الذكريات؟

قد تنشأ بسبب العاطفة القوية المرتبطة بالحدث نفسه، مما يدفع الدماغ إلى ملء الفجوات بمعلومات غير دقيقة أو خاطئة. كما يمكن بسبب التأثير الاجتماعي والإعلامي، حيث تُشكّل بعض الأفلام أو الأخبار، سواءً السارة أو الكارثية، ذكريات بعض الأشخاص رغم أنهم لم يعيشوا تلك الأحداث بأنفسهم، بل سمعوا عنها أو شاهدوها وتأثروا بتفاصيلها بشكل أو بآخر.

الذكريات الكاذبة هي ذكريات قد يعتقد بعض الأشخاص أنها حقيقية، لكنها في الواقع لم تحدث أبداً، أو ربما حدثت بطريقة مختلفة تماماً عما يتذكرونها، وهي قابلة للتعديل وإعادة البناء باستمرار وفقاً للتجارب الحياتية الجديدة والمعلومات المكتسبة.

لذلك لنتمكن من تصحيح هذه الذكريات وإزالة تأثيرها السلبي، لا بد من مراجعة جميع الأدلة والاستعانة بمصادر موثوقة وتحليل تفاصيل الذاكرة بمنطقية. فالذاكرة ليست آلة تصوير تحفظ الأحداث كما هي، بل تحتفظ بلقطات معينة من كل موقف ومكان وحدث لتكوّن في الأخير صورة مثالية تتماشى مع رغبات الشخص وتصوراته.