لابد أنك تتذكر مقطع الفيديو العفوي الذي أخذ بالانتشار لطفل إماراتي يعتبر نفسه أصغر مشجع كروي، حيث يظهر في المقطع حديثه الجريء والعفوي حول نتيجة المباراة، يا ترى لماذا انتشر؟ ومن الذي نشره؟ وكيف وصل إلى آلاف المشاهدات في وقت قصير، حتى تناولته وسائل الإعلام المحلية؟
مع ظهور الإعلام الرقمي أخذ مفهوم الإعلام العام شكلاً جديداً مغايراً عن مفهومه التقليدي، وتعددت أدواته وتعريفاته في ميدان الحدث، لصناعة رسالة إعلامية بقالب القصة الإخبارية التي بتنا نراها الأكثر شيوعاً بين الأجناس الصحفية، لما لها من ميزات تساعد في الانتشار والوصول، حيث تختلف القصة الصحفية عن الخبر، فالأخير يقدم لك معلومات خاصة تجيب عن ماذا حدث؟ ومن قام بالحدث؟ ومتى وأين وكيف ولماذا؟ أما القصة الإخبارية فتركز على زاوية أو جانب معين من الخبر، وتستفيض فيه بأسلوب قد يغلب عليه الطابع الإنساني، شرط أن تكون المعلومات حقيقية.
ومن جانب آخر، ظهرت الفيديوهات العفوية التي يتم التقاطها من الميدان عبر كاميرات الهواتف الذكية، متضمنة تعليقات عابرة وجملاً بسيطة، والمراسلون كانوا أنا وأنتَ وأنتِ وابنك وابني، ولم نكن بحاجة لإعدادات لوجستية معقدة أو كاميرات متفوقة، أو مراسلين مرابطين، والملاحظ جيداً أن تلك الفيديوهات واللقطات تحظى بانتشار واسع في أوساط التواصل الاجتماعي، وتصل رسائلها إلى قلوب الناس بشكل أبلغ بالرغم من عفويتها وبعض أخطائها اللغوية أحياناً.
إذاً يمكننا القول إن الرسالة الإعلامية «إرسالاً واستقبالاً»، باتت اليوم في متناول الجميع وأصبح التفاعل معيار نجاح وصولها وتأثيرها، ما يعني أن العملية الإعلامية تخضع لكثير من المتغيرات التي تجعلها تؤثر على كيفية استهلاك المعلومات وتوزيعها مما يعكس تطور طبيعة العلاقة بين الإعلام والجمهور وهو ما سيكون حسب رأيي نقطة تحول في مهنة المتاعب وإدارات مؤسسات الكلمة والصورة. والسؤال هنا هل سيطغى هذا النوع من المحتوى الإخباري العفوي في الفترة القادمة؟ أم سيسعى الإعلام التقليدي لتغيير أدواته وتنوع محتوياته؟