بين لذّة السفر وصلة الرحم

صلة الرحم تُعدّ من أهم الواجبات الاجتماعية التي ركّز عليها الإسلام، بهدف الحفاظ على تماسك المجتمع وتحصينه من القطيعة في العلاقات بين الأقارب وأفراد الأسرة الواحدة.

وهي من أعظم القُربات إلى الله سبحانه وتعالى، وقد حثّ عليها ديننا الحنيف في آياتٍ كثيرة من القرآن الكريم، وفي أحاديث النبي محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ لما لها من أهمية كبيرة في بناء مجتمع متماسك، يسوده الترابط والمودة والألفة.

لكن، في الوقت الذي يُفترض فيه أن نعزز روابطنا الأسرية في مناسبات عظيمة مثل عيد الفطر أو عيد الأضحى، نجد أن بعض الناس باتوا يفضّلون السفر والابتعاد، طلباً للتغيير أو الاستجمام أو راحة البال.

وقد يتذرّع البعض في تقصيره تجاه صلة أرحامه بأسباب مختلفة، كضغوط العمل، أو كثرة المشاغل، أو ضيق الوقت.

ولكن هذا السلوك لا يرضي الله سبحانه وتعالى، ولا يتوافق مع توجيهات النبي، صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قاطِعٌ»، أي قاطع رحم.

وقد ورد في الحديث الشريف: «من سرّه أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه»، وهو دليلٌ عظيم على مكانة صلة الرحم.

إن التواصل والتودد إلى الأقارب، وزيارة مرضاهم، ومساعدة محتاجيهم، ومشاركتهم في الأفراح والأتراح، وإظهار السرور بلقائهم، ودفع الأذى عنهم، والسعي في توظيف العاطل أو المحتاج منهم، كل ذلك من حقوق الرحم. ومن خلال هذه القيم، نتجاوز مشاعر الانتقام والكراهية، ونتجنب مظاهر التفكك الاجتماعي، فتصبح روابط صلة الرحم أكثر قوة وصلابة.

وها هو العيد يوشك أن يطرق أبوابنا، وفي يده وصايا التسامح، والحب، والتواصل، والتزاور. والأقربون بلا شك، أولى بالمعروف.

فلنستقبل هذا العيد بقلوبٍ محبة، ونتبادل الزيارات، لتَرفرف روحُ المودة والتراحم في أرجاء العالم عامة، وفي محيط الأسرة والأقارب خصوصاً. إذاً اليوم، بين لذّة السفر وواجب صلة الرحم، أيّهما أولى؟