حاجة العالم الملحة للحوار والسلام والأمن تتضاعف يوماً بعد يوم، مع ما يبدو أنه تصعيد لن يتوقف متعدد الأقطاب، يخلق مزيداً من الأزمات والتحديات، بدل إيجاد الحلول والبحث عن التقاربات.

التداعيات العالمية لأزمة أوكرانيا، التي لا تزال تتفاعل على كل المستويات، وما تنذر به أزمة تايوان اليوم، وغيرها من الصراعات، تؤكد الترابط القوي، ليس فقط في التفاعل السريع بالسلب أو الإيجاب بين جميع الشؤون السياسية والعسكرية والاقتصادية وقضايا الأمن الغذائي والصحي والاجتماعي للشعوب، وإنما أيضاً ترابط لا تنفصم عراه بين شرق العالم وغربه، وسرعة تأثره بأي حدث في أي بقعة في العالم.

أوكرانيا هي إحدى أهم الدول في سلة غذاء العالم، وتايوان من الدول الاستراتيجية لحركة التجارة العالمية بمضيقها المهم، وهما تعطيان مثالاً واضحاً على أن الحروب وصراع كسر الإرادات والاستقطابات السياسية لها كلفها الباهظة، التي ستضر بالجميع، ولن تأتي بأي ثمار إيجابية لأحد، وكان من الأولى والعالم يخرج من أزمة بحجم وباء «كورونا» الأصعب في تاريخ البشرية أن يسارع الجميع إلى البحث عن سبل بالتكاتف والتعاون لدعم الاستقرار وتعزيز التنمية والانتعاش.

كانت هذه دعوة الإمارات المبكرة للعالم أجمع، لتحمل بإدراك سياسي نادر الرسالة الأكثر نبلاً في أصعب الظروف، وتدعو إلى البحث عن التقاربات، وإلى التكاتف والتعاون والحوار سبيلاً لدعم الاستقرار والسلم والأمن إقليمياً وعالمياً، والعمل يداً بيد في شراكات دولية لدعم النمو الاقتصادي والتنمية، وتلبية تطلعات الشعوب واحتياجاتها وتعظيم آمالها بالمستقبل.

الإمارات لم تكتفِ بالقول، وإنما كانت من الدول التي أعطت مثالاً قوياً وواقعياً على قدرة أعضاء المجتمع الدولي في بناء شراكات كبرى هادفة، وقدمت نموذجاً للدول التي تبذل جهوداً جادة وناجحة في تعزيز الحلول السياسية، وإحلال الحوار والسلام بين الجميع.

صوت العقل الذي تمثله الإمارات على الدوام خلق بمبادرة استراتيجية لقادتها مساراً مهماً أيضاً لتحصين الإقليم والمنطقة وعالمنا العربي على وجه الخصوص، أمام هذه التحديات والأزمات العالمية المتصاعدة، عبر تحالفات وشراكات اقتصادية وصناعية استثنائية، تحفظ الأمن والاستقرار وتدعم التنمية والازدهار.

العالم أحوج ما يكون اليوم إلى تمثل هذا النموذج، وسماع صوت العقل، وتغيير مساره نحو نهج يتمسك بالتقارب والحوار والشراكة والتعاون، فتاريخ البشرية وحضارتها وتقدمها على المحك، ومستقبل شعوبها المشرق بحاجة إلى الشجاعة الكافية من الدول المتقدمة ومن الجميع على السواء، لوضع حدٍ للصدامات والصراعات والاستقطابات، والعمل بشراكة دولية كاملة لترسيخ السلام.