جهد كبير بلا شك تبذله الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، ومعها إدارات وأقسام مكافحة المخدرات على مستوى الدولة في التصدي لهذه الآفة وحماية المجتمع بشبابه منها. ولعل الضبطيات لكميات الحبوب والمواد المخدرة التي تتمكن السلطات من ضبطها وإحباط محاولات دخولها إلى البلاد أو ترويجها بين الشباب هي إحدى وسائل التصدي التي تعتبر أحد خطوط الدفاع والحماية، وإن كان الرهان الأكبر في هذا الصدد على الأسرة وتربيتها لأبنائها وحمايتهم من الانزلاق والسقوط في هاوية التعاطي، ثم الإدمان وربما الترويج للمخدرات بعد ذلك.
باهتمام بالغ يترقب المجتمع إطلاق الاستراتيجية الوطنية الشاملة التي تعنى بكل سبل مكافحة المخدرات من خلال الوقاية والتوعية والعلاج والتأهيل والدمج الاجتماعي تتحمل كل جهة مسؤوليتها.
وما يسعد المرء أن محاور الاستراتيجية ماضية بإيجابية للغاية في التصدي لهذه المشكلة، فركزت في جوانبها على التوعية والوقاية والرعاية الاجتماعية والدمج قبل الحديث عن العقاب، وهي أمور ستسهم بفاعلية في انتشال الشباب من الجنسين من هذا المستنقع.
يتمنى الجميع - سواء من كان له ابن تورط وسلك درب الإدمان أو لم يكن، فالخوف على المجتمع واحد ورعاية الشباب واجبة - أن يكون لمؤسسات المجتمع دور أكبر وأكثر فاعلية في الوقت نفسه، بداية في حمايتهم من خلال التوعية وفق خطط عملية بعيدة عن التنظير بالتعاون مع الأسرة والمدرسة. وتستمر تلك الخطط بالتعاون مع جهات أخرى ولعل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كانت واحدة من أهم تلك السبل والطرق.
دور مهم جداً يدور في فلك الاهتمام بمن سقط في قبضة رجال مكافحة المخدرات، خاصة عندما تبدأ أولى خطواته بالولوج إلى هذا العالم المدمر بحبة مخدرة، ويودع السجن لمدة طويلة يختلط فيها بالمجرمين الآخرين ويتعلم منهم فنون الإجرام الأخرى، إضافة إلى المخدرات التي يخرج وقد أصبح خبيراً فيها، ثم لا يلبث أن يعود إلى المؤسسة العقابية بجرم أكبر وعقوبة أقسى.
هؤلاء ضحايا وينبغي التعامل معهم على هذا الأساس، لا بد من علاجهم وخلاصهم من المخدرات لا دفعهم – من خلال تطبيق القانون - لما هو أكبر من تعاطي حبة مخدرة، وللسلطات في هذا تجارب كثيرة لم يتمكن الحبس والسجن من تقويمهم.
إذن لا بدّ وبعيداً عن الشرطة والمحكمة من علاج هؤلاء بصفتهم مرضى يحتاجون إلى أيدٍ تمتد لهم في مخيمات خاصة تلبي احتياجاتهم بما يتفق مع العصر، ومن بعدها معسكرات تدريب مثل معسكرات الخدمة الوطنية، وشيئاً فشيئاً دمجهم في المجتمع ومتابعتهم وإيجاد فرص عمل تغنيهم السؤال، يعتمدون على أنفسهم وإكمال دراستهم ليصبحوا مواطنين صالحين يساهمون في البناء والعطاء.