تحقق القيادة العامة لشرطة الشارقة في واقعتي العثور على جثة طفل رضيع في أنبوب الصرف الصحي في المنطقة الحرة في مدينة الشارقة، حولت إلى المختبر الجنائي للتعرف إلى عمر الرضيع وأسباب الوفاة، وأحيل الملف إلى مركز الشرطة المختص للوصول إلى الجناة وتقديمهم للعدالة، وهناك جثة أخرى تعود لشخص مجهول وجدت أعلى مبنى قيد الإنشاء وبعد الإجراءات المعتادة أحيلت الجثة إلى المختبر الجنائي لاستكمال إجراءات الوصول إلى الحقائق لمعرفة هوية الشخص.
إجراءات ستكون أسهل وأسرع في التوصل إلى الجناة في الواقعتين لو كانت لدينا قاعدة بيانات للبصمة الوراثية للسكان من المواطنين والمقيمين مخزنة في أجهزة الحاسب الآلي، تتمكن السلطات من الرجوع إليها والاستفادة منها لكشف مرتكبي جريمة قتل الرضيع، وكذلك التعرف إلى هوية المتوفى وكشف غموض وملابسات الواقعة.
هذا المشروع الذي تردد الحديث حول إعداده قبل سنوات، وكان سيصبح الأول على مستوى العالم الذي تملك من خلاله دولة فحوصات للبصمة الوراثية لجميع سكانها مواطنين ومقيمين. المشروع بطبيعة الحال ليس بسيطاً، بل هو كبير ومكلف، ويحتاج إلى إنشاء مختبر بإمكانات بشرية متخصصة ومادية ضخمة جداً، وربط المشروع آلياً بكافة الأجهزة يُسهل إدخال البيانات وأرشفتها وحفظها والرجوع إليها عند الحاجة والاستفادة في كشف الكثير، كما أنه يحتاج إلى مدة زمنية للانتهاء من إجراء الفحوص للسكان الحاليين والمستقبليين ضمن خطة استراتيجية تستهدف فحص الملايين بحلول 2020.
من ضمن ما أعلنت عنه السلطات آنذاك، أن المادة التي سيتم فحصها من خلال البصمة الوراثية عبارة عن عينة تؤخذ من الطبقة المبطنة للخد داخل الفم على ورقة خاصة، ومن ثم تحليلها في المختبر، وتمر بالإجراءات المتبعة في التخزين.
عينات تؤخذ بطريقة تحفظ للإنسان كرامته ولا تنتقص من حقوقه ولا تهدف إلى أي أغراض أخرى، ولا تنتهك خصوصيات الأشخاص في البحث عن أسرارهم الجينية أو الوراثية، بل هو مجرد تسجيل للبصمة الوراثية مثلها مثل بصمة الأصابع. لقد ثبتت أهمية وجود فحوصات شاملة لكافة سكان الدولة بما يصب في الصالح العام ويحقق الكثير من الفوائد وفق المعنيين أنفسهم في التعرف إلى الجناة بعد أخذ عينات منهم من مواقع ومسارح الجريمة.
ومن ثم مضاهاتها بالعينات المخزنة، ما يسهل الوصول للجناة بأسرع وقت ودون توسيع لأعداد المشتبه فيهم في ارتكاب تلك الجرائم، علاوة على التوصل إلى هوية الأشخاص الذين قد يقضون في الكوارث وحالات الطوارئ مثل الأعاصير وحوادث الطائرات والحرائق والطوارئ الأخرى، والتي غالباً ما يصعب فيها التعرف إلى هوية الجثث.
إضافة إلى تحقيق التواصل وتحقيق الاستفادة للدول الأخرى التي قد يرتكب فيها الجناة جرائم، ويكون الشخص قد أقام في الدولة ولديه عينة من فحص البصمة الوراثية داخل قاعدة البيانات، ومن ثم مطابقتها وإفادتهم بنتائجها ليستعينوا بها في تحقيقاتهم، والكشف عن ملابسات الجريمة لديهم.
كذلك التعرف إلى مرتكبي الجرائم البسيطة وحماية المجتمع منهم حال إقدامهم على ارتكاب جرائم أخرى في المستقبل، ما يحقق الأمان بشكل أفضل وأوسع. الحاجة نراها قد أصبحت ماسة للغاية لمثل هذا المشروع، خصوصاً مع زيادة تنوع أشكال الجريمة وتعددها.