حملة وطنية تعلي قيمة الثواب وتعزز الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات المعنية لضبط الطرقات، وحث السائقين على الالتزام بالنظام واحترام قواعد السير والسلامة في اليوم الأول لبدء السنة الدراسية، اختيار يوم 26 من أغسطس الجاري ليكون يوماً بلا حوادث، يكافئ الملتزم بالحملة بخصم 4 نقاط مرورية سوداء.

اختيار يوم واحد ليكون بلا حوادث إنما هو في واقع الأمر رمز يحمل بين ثناياه رسائل توعوية تثقيفية تبثها وزارة الداخلية إلى المجتمع لتحقيق الأمن والأمان وبسط سلطة القانون على الطرقات التي أصبحت بفعل رعونة البعض وتهورهم وضربهم بكل القواعد عرض الحائط، للقيام بأفعال بعيدة عن الفن والذوق والأخلاق. «ثلاثية» لطالما أبرزتها إدارات المرور في احتفالات أسبوع المرور الخليجي، بل أصبح الاستهتار سمة الطرقات والعنوان العريض لحال من يسير فيها.

سرعات عالية، الانشغال بالهاتف، الانتقال من مسار إلى آخر دون انتباه أو مراعاة لحقوق الآخرين من مستخدمي الطرقات، لعل أبسط هذه الحقوق وأكثرها أهمية حقهم في أن يكونوا بأمان، ويعودوا إلى بيوتهم بسلام ولا يقعوا ضحايا الاستهتار وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر.

فكم من أسر فجعت من طيش الطائشين، وكم من أرواح بريئة راحت تحت أقدام مستهتر؟ وكم من قلوب سكنها الحزن؟ وكم من نفوس آلمها فقد غالٍ؟ وكم من أحلام وآمال آلت إلى غرف العناية المركزة؟ وكم من أجساد تحولت حطاماً وأصبحت أشباه إنسان؟

والحق أن الطرقات عندنا لا تنقصها بنية تحتية عصرية متكاملة، ولا قانون يضبط المخالفين ولا أحكام قضائية تتصدى لطيش الطائشين، إنما هناك حاجة إلى تشديد العقوبات على المخالفات التي تقترب من سلامة وحياة الضحايا، وتعديل بعضها مثل اعتبار من يتسبب في الحادث مهما كان نوعه «طائشاً متعمداً» لا يكفيه احتساب النقاط المرورية السوداء بحقه، بل تحميله كل النتائج التي تترتب على فعلته، وتعويض الضحية تعويضاً مالياً وأدبياً ونفسياً وتأديب الجاني بالحبس، مخالفة أخرى يجب إعادة النظر فيها وهي أن كل من يصدم السيارة التي أمامه يعد مخطئاً ويعتبر المتسبب في الحادث في كل الحالات، وهذا ليس صحيحاً.