طيلة اليوم، ليلاً ونهاراً، مكالمات أقل ما يقال عنها إنها «مزعجة»، بل «مزعجة للغاية» نتلقاها دون استئذان من شركات تعمل في كل المجالات، قد تكون حول العقارات، أو عيادات ومراكز التجميل، أو البنوك والمصارف، أو حتى مكاتب المحاماة وغيرها، منتجات بأنواعها من أوانٍ منزلية إلى أجهزة كهربائية، خاصة المكانس الكهربائية، أو خدمات تنظيف خزانات المياه في البيوت، جميعها بلا استثناء تبدأ بعشرات المكالمات بأصوات فتيات لا تلبث أن تتحول إلى ما يشبه العنف إن أبديت أي استياء من هذه المكالمات وطلباً بعدم الاتصال مجدداً من منطلق أنك لست مهتماً بعروضهم، طبعاً لا تجدي معها محاولات «حظر» أرقام الهواتف، الواحد تلو الآخر، وهي أرقام محلية، سبق أن أعلنت إحدى شركات الاتصال عن خدمة «وقف» المكالمات المزعجة التي تتيح لمن يشترك فيها، وهي مجانية، التخلص من تلك المكالمات أو الرسائل المزعجة، ولكن هيهات.
طبعاً هذه المعضلة ليست جديدة، لكنها تطورت بشكل لافت، فلا تجدي معها حلول فردية أو إجراءات احترازية، وإزعاج الناس بلغ حده وآخذ نحو المزيد، بل وتجاوز مرحلة الإزعاج إلى أساليب النصب والاحتيال والاعتداء على حسابات المتعاملين مع البنوك، والاستيلاء على ممتلكاتهم من سيارات وغيرها، عواصف تهب علينا من أجهزة الهواتف.
نعرج على مكالمات تداول الأسهم والبترول والمعادن والترويج لها عبر مكالمات تدغدغ أحلام الثراء أو زيادة الدخل، وينجرف الكثيرون وراء هذه المكالمات دون أن يعوا حقيقة هذه التداولات «إن كانت صحيحة»، وعمليات النصب التي يتعرضون لها بمجرد تحويل الأموال إلى حسابات مجهولة من خارج الدولة ويصحون على واقع مرير، فأرقام الهواتف وإن ظهرت محلية هي من الدولة، وتذهب معها الأموال أدراج الرياح.
نتساءل من يحمي هؤلاء من لصوص متربصين، وعمليات تتم نهاراً جهاراً تعبث بأموال وممتلكات، أليس من حقنا أن ننعم بإجراءات صارمة تتبعها البنوك على حسابات المتعاملين معها؟ ورسائل تحذر من كل جديد يبتكره المحتالون والنصابون؟ أليس من حقنا على شركات الاتصال أن تستخدم التقنيات الحديثة لحماية أمن المجتمع ومن فيه؟