واقعة ذكرها لي صديق وقعت قبل أيام عندنا في أحد المراكز التجارية الكبيرة عند الساعة السادسة والنصف مساء، حين دخل أحدهم «كابينة» جهاز الصراف الآلي، وأجرى معاملة مالية بسحب مبلغ 10000 درهم، ثم سحب بطاقته من الجهاز وغادر المكان بعد أن نسي أخذ النقود، وما هي إلا دقائق معدودة حتى أدرك أنه نسي أخذ المبلغ، فعاد أدراجه مسرعاً إلى جهاز الصراف الآلي، لكن لم يجد النقود، فتوقع أمرين لا ثالث لهما: إما أن يكون الجهاز قد سحب المبلغ تلقائياً - وهو المفروض في هذه الحالات - أو تكون يد قد وصلت إلى النقود في تلك الدقائق، ومنّى نفسه بالأفضل بأن يكون من وصل إلى النقود قد سلّمها إلى الأمانات، وأخبر رجال أمن المركز التجاري بما حدث، وفي غرفة مراقبة المركز، عبر الكاميرات، تنفس الرجل الصعداء حين أظهرت الكاميرا شخصاً بدا وكأنه أفريقي دخل إلى «كابينة» الجهاز بعده مباشرة، ورأى النقود التي بدت ككنز ظهر أمامه بلا ميعاد، فأخذها وخبّأها بجانب الجهاز يستطلع الجو الخارجي ملتفتاً يمنة ويسرة، ثم عاد إلى حيث خبّأ النقود عند جهاز السحب، متظاهراً أنه ينجز ببطاقته معاملة بنكية، أي أن تسجيلات الكاميرات أظهرت تفاصيل ما حدث من الرجلين.

أكثر من ذلك طمأنه موظف البنك التابع له جهاز الصراف الآلي أن الكاميرات المثبتة في الكابينة القريبة جداً أظهرت تفاصيل أكثر وتمكنوا من الوصول إلى بيانات هذا الرجل الشخصية وقراءة كل المعلومات المهمة، والتعرف إلى هويته بكل يسر وسهولة، فضلاً عن وجهه الذي ظهر بكل وضوح أمام عدسات كاميرات المراقبة.

ولاستكمال الإجراءات، أخبروه ضرورة إبلاغ جهات الاختصاص، وهي التي لها الحق في التعامل مع«القضية» واستعادة أمواله، وبالفعل توجه إلى جهة الاختصاص وقدم بلاغاً فيما حصل منه وبدر من الشخص الذي استحوذ على المبلغ، انتظر أي انفراج واتصال مبشّر، وبعد مرور 12 يوماً، راجع جهة الاختصاص، لكن مع الأسف، لا جديد في بلاغه، وعلم أنه لم يُتخذ أي إجراء في بلاغه، لا مع البنك ولا المركز التجاري.

السؤال: ماذا لو غادر الرجل إلى دولته الأفريقية، أو أي سبب آخر يصعب الوصول إليه، أو حتى لو تم الوصول إليه بعد حين، من يضمن له سلامة ما فقد من أموال جراء سهو لم يكن مقصوداً، هذا ناهيك عما تعرّض له من تأخير تأجيل سفره، وربما إلغاؤه، إذ كان يهمّ بالسفر إلى بلده لقضاء إجازته الصيفية.. ماذا..؟ وماذا..؟