في عالم تغلب عليه الرسميات والبروتوكولات، يقدم شيوخنا نموذجاً فريداً في التواضع والتلاحم مع الشعب، هم لا يعيشون في أبراج عاجية ولا يختبئون خلف مكاتبهم، بل يثبتون دوماً أنهم أقرب إلى الناس مما قد يظن البعض، فهم منا ونحن منهم.
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لطالما كان مثالاً في مراقبة أداء المسؤولين، وقد استنكر سموه انعزال البعض خلف مكاتبهم الكبيرة بعيداً عن التفاعل المباشر مع الناس، ففي مدرسة سموه القيادية، الجميع تلاميذ، والتواصل المباشر مع الجمهور هو أساس النجاح.
الأوامر السامية التي صدرت مؤخراً بالتغيير جاءت لتؤكد أن القيادة ليست مجرد منصب، بل مسؤولية تتطلب حضوراً مستمراً بين الجمهور لفهم احتياجاتهم، ونجاح دبي في الوصول إلى العالمية، سرّه تيسير الأمور والمعاملات دون تعقيدات أو حواجز، ليكون كل مسؤول قريباً من الناس، حتى في وجود الثورة الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تشهدها الإمارات.
وفي مشهد آخر يعكس أروع صور التواضع، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع يظهر سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وهو يجلس مباشرة على الأرض مع مجموعة من الأطفال خلال احتفال وزارة الخارجية بعيد الاتحاد الـ53.
هذا الموقف لم يكن مجرد جلسة عادية، فقد افترش فارس الدبلوماسية الأرض دون حائل أو مقعد، متجاهلاً البروتوكولات الرسمية، وبدأ سموه ممازحة الأطفال، ومتسائلاً عما إذا كان لدى أيٍّ منهم شكوى على والديه أو معلميه؟.. ضحك الأطفال وبدأوا يمازحون سموه بلا رهبة أو خوف، وكان هذا الحوار أشبه بلقاء أب بأبنائه، مليئاً بالعفوية والإنسانية.
لعلهم يفقهون.. أن شيوخنا يقدمون في كل مناسبة درساً بليغاً في التواضع والرفق، هم يوجهوننا بأفعالهم قبل أقوالهم، ليعلمونا أن القيادة الحقيقية ليست في المظاهر، بل في التأثير الإيجابي والقرب من الناس واحترام الجميع، من البسطاء إلى العظماء، وأن القائد القريب من شعبه يسكن القلوب ويرتفع فوق الرؤوس.