لمن لا يعرف البروفيسور حميد بن حرمل الشامسي، فهو طبيب مشهور يتمتع بخبرة واسعة في مجال طب الأورام عالمياً، من الأطباء الرائدين في الدولة، يسعى بكل جهد أن يوفر أفضل رعاية لمرضى السرطان في المنطقة، درس في جامعة كورك في أيرلندا عام 2005 ونال مرتبة الشرف، ثم أكمل تدريبه وتعليمه في عدة جامعات عريقة، وسيرته العلمية القديرة فيها الكثير، وكذلك مسيرته في التكريم والحصول على الجوائز والتكريم والتقدير هي أيضاً ممتدة، وإنجازات الأستاذ الدكتور حميد عبيد الشامسي خلال سنوات خبرته التي تربو على 20 عاماً تحتاج إلى مجلدات لسردها وعدها، له عشرات الكتب والإصدارات والاكتشافات المعترف بها عالمياً، التي غيرت مجرى العلاجات الخاصة بمرض السرطان، باختصار هو فخر الإمارات والعرب في مجاله وتخصصه المهم.
ولعل ما يميز «بو عبدالله» ليس النجاح الأكاديمي والتفوق المهني الاستثنائي بامتياز فحسب، بل إنسانية هذا الطبيب الخلوق المتواضع الذي آل على نفسه أن يكون وطنه بين ضلوعه ينبض حباً، مسخراً علمه لكل من وقع ضحية هذا المرض، واهباً وقته لكل من يحتاج إليه دون سؤال، حين اختار منصات التواصل الاجتماعي نافذة يطل عليهم يقدم النصيحة والاستشارة والدعم بشتى أنواعه، يعزز الوعي بالوقاية والكشف المبكر والتعايش مع هذا المرض الخبيث اسماً ومضموناً، يسهم في إنقاذ هذا، ويخفف آلام ذاك، يروي بزهو وابتسامة فرح تعلو محياه حكايات حالات انتصرت على المرض، وحالات تعافت وتحسنت.
يشرك متابعيه يومياته وجديدها، يبث الأمل في النفوس، فيحييها بحقيقة أو معلومة أو جديد لديه، أو تقدم تحقق في علاج السرطان، باختصار مجدداً هو شخصية إيجابية تنثر كل جميل حولها، حتى أصبح جزءاً من حياتهم يدعمونه كما يدعمهم.
منذ يومين أطلق الطبيب الإنسان رسالة عبر منصته الإلكترونية، كانت أقرب إلى صرخة أو نداء لجهات العمل، وتحديداً مديري إدارات ورؤساء أقسام يعمل بها موظفون مصابون بالسرطان ويتلقون أنواع العلاجات في المستشفيات ومراكز العلاج المتخصصة.
ذكر في رسالة مهمة جداً وإنسانية للغاية، خرجت بأنات من أعماقه، تعنت أحد المسؤولين مع مريضة سرطان تعمل تحت إدارته حول الإجازات المرضية أصر على «البروتوكول» الخاص بعلاجها، ورفض التقرير الطبي الذي يتضمن تفاصيل المرض والخطة العلاجية والأدوية التي تتناولها، ذاكراً أن الطبيب مؤتمن، والإجازات المرضية تقدم وفق ضوابط.
في رسالته المهمة تحدث الدكتور حميد الشامسي عن حاجة المرضى إلى العمل مورداً للدخل مثل حاجتهم إلى الدعم النفسي يغدقه عليهم من حولهم في المنزل والعمل، وأشاد بأدبه الجم - كعادته - بالتعاون الكبير الذي يبديه المسؤولون مع موظفين مرضى بالسرطان، لكنه أبدى كذلك تحفظاً وضيقاً من بعض المتعنتين.
نضم أصواتنا بكل شدة إلى صوت الطبيب الإنسان في دعوته، ونتمنى صدور قانون أو قرار يشمل المصابين بالأمراض المستعصية والمزمنة، وأن يكون التقرير الطبي الصادر من الطبيب المعالج الموثق من المستشفى أمراً نافذاً لا جدال فيه، بل أكثر من ذلك لا يتخذ هؤلاء من المرض والغياب ذريعة لإحالته إلى التقاعد، وحجة للمساس براتب يتقاضاه أو مزايا يستفيد منها، أو مبرراً لتوجيه اللوم واللكمات الكلامية لهم، فلا يكون المرض ومدير متعنت عليهم.