في البداية لن يكون هناك استثناء فالضعيف يقوى والصغير يكبر، لكن النهاية وفق مخرجات التاريخ تقول إن الصغير لا يكبر!

تلك فلسفة لقراءة واقع المنتخبات الآسيوية المتأهلة للتصفيات الحاسمة للوصول إلى مونديال روسيا.

ربما تتغير القاعدة تماماً فيما لو أدركنا أن المنتخبات الآسيوية تقريباً كلها تعيش التعاسة الفنية، فالمباريات كانت ضعيفة جداً، والأخطاء في التكتيك والتمرير وعدم الجدية كانت واضحة، لدرجة أن منتخبات لم تكن تحلم يوماً بالخروج بأقل الخسائر فقط خرجت بالتعادل والفوز، وكانت جاهزة للتأهل للتصفيات النهائية حتى الرمق الأخير.

هذا التقارب الفني يشكل ملامح جديدة للتجمد الفني للمنتخبات الآسيوية التي لم تعد تصنع الفارق، وهنا أتحدث عن الأمر من زاوية فنية بحتة بعد أن شاهدت أغلب مباريات التصفيات، فلا وجود لمنتخب يصنع لك حالة من النجومية والتألق والإبهار وهو ما يكفي لأن تنهار أساليب توسع اقتصاديات الكرة الآسيوية، فمنتخبات بتلك البرودة الفنية لن تجلب صيتاً واضحاً وجماهيرية متنامية أبداً!

ستلعب العوامل النفسية دوراً كبيراً جداً جداً في التصفيات الحاسمة، فالأردن التي صعقت أستراليا باستاد عمان قبل أن تسقط إياباً بخماسية، وفلسطين التي أحرجت الإمارات والسعودية وهي تحت الحصار، واليابان التي فازت بصعوبة بهدفين أمام كمبوديا فيما سوريا ضربتها بسداسية، وماليزيا فاز الأخضر السعودي عليها ذهاباً بصعوبة بالغة تفتح شباكها لسداسية فلسطين، وهكذا سارت الأمور لتكشف أن الفارق الفني الكبير معدوم تقريباً، وأن العامل النفسي والحماس والأرض والجمهور تلعب بشكل حاسم بتركيبة النتائج.

اعتدنا في المونديالات الأخيرة حضوراً لليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية مع تبديل متكرر للمقعد الرابع الذي كان في آخر نسختين لكأس العالم من نصيب إيران وكوريا الشمالية المغمورة، فيما مباريات الملحق غالباً لا تأتي بنصيب للآسيويين بعد فشل الأردن والبحرين في خطف النصف مقعد المؤدي للمونديال.

المباريات التي تلعب بطريقة الذهاب والإياب تختلف جذرياً عن مباريات البطولات المجمعة، فالعامل النفسي مهم جداً لتطوير الأداء وتحقيق النتائج، والمنتخبات تلعب نصف المشوار داخل معاقلها وبين أنصارها، والنصف الآخر يحتاج إلى تركيز نفسي وذهني قبل التركيز الفني، لأن المباريات داخل معاقل الخصوم، ومن هنا فإن المنتخبات التي سيتم تحضيرها بشكل جيد نفسياً قبل فنياً ستفوز بمقعد إلى روسيا، وهناك من اللاعبين من يرتعد عندما يلعب أمام أستراليا أو اليابان أو كوريا الجنوبية وكأنه يلعب أمام الأرجنتين أو فرنسا أو ألمانيا، ولذلك تخسر منتخباتنا العربية بمسببات تافهة جداً ليست على الدوام فنية!

عندما تسيدت السعودية آسيا وحضرت لكأس العالم أربع مرات متتالية، ذلك لأن اللاعب السعودي كان شجاعاً قوياً لا يهاب أحد أمامه، واليوم يرتجفون أمام فلسطين مع كامل الاحترام لكن الحديث عن شأن كروي خالص..!!منتخب الإمارات عندما تأهل لنهائي آسيا 1996 وقبلها وصوله لكأس العالم 1990، جاء ذلك نتيجة أسود الإمارات لم يكن يخافون أي منتخب!

الجانب النفسي هو العلاج اللازم إذا ما أراد أي منتخب الوصول إلى روسيا، وعلى المنتخبات أن تحضر فرق علاجية نفسية للاعبين، فقد أثبتت كل الأحدث أن لاعبينا العرب عاطفيون جداً، ويتأثرون ولا يؤثرون!