■ زارني الزميل العزيز على مائدة الإفطار، وقال عندي لك اليوم علوم وأخبار، قلت له: هات؛ الدنيا الآن ما فيها أسرار.

قال: بعد حوالي أكثر من خمسين سنة من الإدمان اليومي على أكل (اللقيمات) عند الإفطار في شهر رمضان، فقد قررت الإقلاع عنها نهائياً، بالرغم من أنها لذيذة ولها قيمة غذائية، كما أنها تساعد على تهدئة الأعصاب وتوفر السعادة السكرية للصائم عند إفطاره، إلا أن مضاعفاتها السكرية عكسية، وكل ما يزيد عن حده ينقلب ضده؛ فسعادة البداية تنتهي بكآبة النهاية عندما تجد نفسك عند صلاة العشاء في عالم آخر، حرقان وغثيان وفيضان، هي وجبة دسمة في غير محلها في رمضان؛ شهر الصيام وجدوى الطعام والاستعداد للقيام، وأيضاً تطوير القوام؛ فالصيام والكفاءة في إدارة الذات مع تفاعل جاذبية الطعام هي طريقك لتحسين لياقتك والمحافظة على صحتك وتعزيز مناعتك وتقوية بدنك.

قلت له: هذا رأي ونصيحة و«بعد شو عندك»، قال: وبعد حوالي خمسين سنة من أداء صلاة التراويح يومياً في شهر رمضان، من مسجد إلى آخر ومن إمام إلى آخر ومن الحرم إلى مسجد الفريج، ومن ثمان إلى عشرين، تسمع القرآن وتكبر وتركع وتسجد وتدعو في حركات روحية وذهنية وبدنية، وجبة عبادات دسمة تخلو من أي سلبية وكلها إيجابية، ترويض للنفس ومرونة للبدن وتحفيز للعمل وإدارة للإرادة وتقرب للرب واستعداد لما بعد رمضان، ومع ذلك الجميع مستعجل، والأصل أن نركز ونخشع ونستغفر، قلت له: هذا كلام جميل ونافع و«بعد شو عندك».

■ قال وخلال خمسين سنة من معايشة الدورات الرياضية في شهر رمضان، من أيام (التريك) وشبك الكرة الطائرة إلى شباك دورة ند الشبا، دورة الناس لكل الناس، دورة أولمبياد رمضان، دورة هي أم الدورات، وهي بطولة في بطولات، وجبات دسمة على طاولة واحدة وفي صالة واحدة، وجبات دسمة في الابتكار والإبداع، ووجبات دسمة في التنسيق والتسويق، وجبات دسمة في التنظيم والتنفيذ، وجبات دسمة في الترفيه والتشويق، وجبات دسمة في الحماس والإثارة، ووجبات دسمة في الأداء والمهارة، دورة متعددة المذاقات والمردودات، دورة كل أفراد العائلة والجاليات، كلها وجبات دسمة وكلها خالية من الدسم.

قلت له هذا عادي عند شيوخنا محترفي التحدي، و«بعد شو عندك»، قال: وربما لأول مرة بعد خمسين سنة تجتمع بطولتان قاريتان من الوزن الثقيل في شهر رمضان: بطولة الأمم الأوروبية وبطولة أميركا الجنوبية، أفضل المنتخبات العالمية وألمع النجوم الاستثنائية، مباريات احترافية دسمة فنياً وتخطيطاً، مذاقات أوروبية ولاتينية، مباريات جمالية واستعراضية، مباريات قوية ومتعددة، تتزاحم مواعيدها مع مواعيد أنشطة رمضان، وتتنافس وجباتها وتتكامل وتتوازن مع وجبات رمضان الدسمة الدينية والغذائية والصحية والبدنية والرياضية والاجتماعية والمعنوية والروحية والترويحية.

قلت له: هذه فرصة منفعة ومتعة ويحتاج البرنامج اليومي إلى خطة.

■ ورمضان هكذا يكون دائماً مميزاً، ويظل رمضان في حد ذاته وجبة دسمة خالية من أي دهون ضارة ومتكاملاً دنيوياً ودينياً، وعلينا أخي بالتنوع في الغذاء من خلال التنوع والتوازن في الوجبات الدسمة، نركز على الإيجابيات ونتخلص من السلبيات، ولا شك أنه فرصة للتخلص من الذنوب والسيئات المزمنة ومن الدهون والأوزان الثقيلة، ويحتاج إلى إدارة وإرادة.