لماذا المعسكرات؟ أتوقع أن تكون معظم أندية العالم إن لم يكن كلها دون استثناء هي في معسكرات صيفية، أثناء توقف المواسم الرياضية، وحالياً تتوالى الأخبار علينا حول معسكرات الأندية الأوروبية في شرق آسيا، وفي الولايات الأميركية، وكذلك معسكرات الأندية الإماراتية في ربوع وأجواء أوروبا الاستثنائية.
فلا شك في أن الأهداف الأساسية العامة لهذه المعسكرات هو منح الفرصة الكافية والمركزة والمتفرغة لكل أطقم الفريق وعناصره وخاصة الجدد منهم للتعارف والتآلف والتفاهم من خارج الملعب وفي داخله، فالمنافسات تتطلب وجود فريق عمل واحد على قلب رجل واحد ونحو هدف واحد، وهذا هو الهدف الأساسي من المعسكرات، كيف يكون الفريق كتلة واحدة وفي ذات الوقت متكاملة.
وبالتالي هي فرصة للاختبار، وفرصة للاختيار، ولهذا فالمعسكرات مثل المختبرات، للفحص والتقييم والدمج والمزج واستبعاد الشوائب وتطهير المعادن وتوحيد العناصر وصياغة المعادلات وتركيب المواد وإنتاج أفضل المخرجات وأقواها وأكثرها مرونة وفاعلية، المنافسة الرياضية تحتاج إلى كيمياء خاصة، ولكن أحياناً الخلطات تؤدي إلى غلطات، ومن المعسكر يبدأ الفريق بالتعثر، فهل في علم الإدارة الرياضية ما يساعدنا على قياس مدخلات المعسكرات ومخرجاتها قبل بداية الموسم؟
ما سبق هو من وجهة نظر الجانب الفني العام وكذلك المعنوي، وهما متطلبان أساسيان لتأسيس الفريق القوي، ولكن الأندية الأوروبية لها أهداف أخرى من المعسكرات الخارجية، وهي الأهداف التسويقية، فالأندية الأوروبية أندية استثمارية في الأعمال الرياضية، والأسواق الشرق آسيوية تحديداً هي أسواق غنية بالجماهير الغفيرة، وكل شخص في شرق آسيا لديه ناد أوروبي مفضل، وربما أكثر.
وهذا كله يمثل قوة شرائية عالية، تتطلب معسكرات تسويقية ومحفزات شرائية، وكلها تحتم ترابط الجانب التسويقي مع الجوانب الفنية والمعنوية، وحولها الجوانب الاستثمارية والإدارية، وتقودها استراتيجية النادي لتكون المعسكرات أدوات لتحقيق الأهداف في مرمى المنافسين والخصوم وفي خزائن النادي والأصول، والنتيجة قوة فنية وقوة مالية وقوة مهنية، تضمن استمرارية قوة المنافسة وتطورها وتجددها بالمعسكرات الرياضية.
وبالنسبة لأنديتنا فالفارق شاسع، سابقاً كانت المعسكرات الخارجية للسياحة، وتبدو ما زالت، ومع أننا في عصر الاحتراف إلا أنه يطل علينا فقط في المعسكرات، ويظل الاحتراف لدينا استثناء وفي المناسبات، وليس في كل الأوقات، ولهذا نحتاج للمعسكر أكثر وأكثر حتى نرفع اللياقة في الملعب، ونرفع اللباقة خارجه، وليكون المعسكر الرياضي دورة أساسية في تأسيس الوعي الاحترافي، والوعي هو المرحلة الأولى، بل اللبنة الأولى في الطريق إلى الكرة العالمية.