نسمع بين الحين والآخر عن تصرفات شخصية لا يتقبلها المجتمع بصورة عامة للرياضيين الإماراتيين الذي يمثلون المنتخبات أو الأندية، وعقوبات متناثرة هنا وهناك.

وفي المحصلة النهائية يبقى السلوك وتذهب العقوبة لأدراجها مع رياح النسيان، وهي من ممارسات الهدم والتدمير الذاتي للاعب الذي لا يريد أن يضحي بوقته وأسلوب حياته ورغباته من أجل أن يلتزم بميثاق شرف رياضي، مكتوب وغير مكتوب.

ويترك بالتالي اللاعبون السمات الشخصية وعدم التقيد بقيم الاحتراف تأخذ مقود القيادة لحياتهم خلال فترة لعبهم للرياضة، مع أنهم يتقاضون مبالغ مالية لا يحلم بها أي فرد في المجتمع أو حتى كبار المسؤولين من وزراء وغيرهم!


إذاً هناك خلل جذري وليست مسألة حوادث فردية تحدث نادراً، ومعظم نجوم العالم أتوا من أسر فقيرة أو متدنية الدخل، وبيئات ليست مثالية لتجعلهم بتلك القدرة على النجاح في عالم الاحتراف.

وأن يصبحوا رموزاً كروية عالمية، ومن هنا ندرك أن الفوارق عقلية، وقيم ونظم مؤسسية، ومدخلات تقود لمخرجات مميزة، أكثر من كونها فردية، وإلا لفازت المنتخبات المتواضعة بكأس العالم، في كل نسخة لها، فهم يملكون المهارات والأجسام واللياقة البدنية والسرعات الفائقة، وقد أثبت الوقت أن كرة القدم تلعب خارج الملعب، قبل أن يدخل اللاعب أرض الملعب.


فالبناء النفسي واللياقة الذهنية للاعب العربي بصورة عامة متدنية، بجانب ضعف في استخدام العلوم الحديثة في تنشئة لاعب كرة قدم محترف منذ نعومة أظافره.

ولذلك لن تجد فريقاً أو منتخباً عربياً لديه طاقم متكامل ومختبرات رياضية ثابتة ومتحركة لقياس وإدارة الإجهاد، أو مستوى الضغط العصبي والنفسي والجسدي للاعب، وسنعرف بالتالي إذا ما كان قد سهر قبل ليلة المباراة أو لا، بدلاً من التأويلات والتحقيقات التي لا تعتمد على الذكاء الصناعي وأحدث التكنولوجيات لكشف الحقائق في دقائق!


ولذلك المسألة ليست قضية شخص يدير ومن هو هذا الشخص، بل قضية عمل مؤسسي واستراتيجيات لها مؤشرات لا يحيد عنها كائناً من كان، وحتى يصبح الإنسان بطلاً، يجب تطوير عقله إلى حد يمكنه من خلاله البقاء في مستوى تركيز عال تحت مختلف الظروف بواقعية إيجابية معظم الوقت الذي يمارس فيه الاحتراف وبرؤية واضحة.


فالاحتراف منظومة بسيطة ومعقدة في نفس الوقت وهي تبنى لعقود من الزمن وفق تخطيط شامل ترعاه الدولة ولا يوجد فيه مجال للصدفة والآراء الشخصية غير المدروسة، وإذا كان الشخص لاعباً سابقاً أو موظفاً طوال حياته في الرياضة أو ناجحاً في إدارة قطاع أو مؤسسة، فكل ذلك لا يعني أنه مناسب ليكون ضمن الإطار العام لبناء ثقافة الاحتراف الكروي.

والتي تتطلب مهارات خاصة من جميع الجوانب، وتأهيلاً مستداماً متخصصاً، فمجرد أن نقول «احتراف» فذلك يعني صناعة، والصناعة تحتاج لضبط الجودة والتميز والمنهجية والإبداع والإحصائيات، ومراكز بحوث تبتكر وتدرس التحديات وتخرج بالبحوث والحلول وما هو جديد، وتدعم القرار في تسلسل منطقي بعيداً عن الشخصنة.