السؤال الذي يطرح نفسه في الوقت الحالي هو: لو قام المسؤولون بتقديم استقالاتهم على سبيل المثال وجاء غيرهم ما الذي سيختلف أو يتغيّر؟ القيادي الرياضي الناجح على المستوى الاستراتيجي ليس من الضرورة أن يكون رياضياً سابقاً لكي يعمل وفق خطط عمل مستدامة، ويصل للهدف المنشود لكون العمل عملاً مؤسسيّاً وعناصر النجاح مكمّلة لبعضها البعض، ورئيس الاتحاد يجب أن يكون مؤمناً بالابتكار والإبداع كأسلوب حياة، وأن يتمتّع بخبرات إدارية استثنائية ومهارات استشراف للمستقبل الرياضي.

وهنا يأتي دور الابتكار والشخص الذي يفكر «خارج الصندوق» ليقود كرة القدم في الدولة نحو آفاق جديدة، ومسألة أن يكون أعضاء الاتحاد من ممثلي أندية الدولة هي نغمة لا تتناسب مع العمل الإداري المحترف، كون البيئة الاحترافية تتطلّب مواصفات خاصة وتفرّغاً تاماً، واتحادات رياضية لا تخنق الإبداع الفردي وروح المبادرة.

فالكيفية التي يتم بها إعادة ابتكار كرة القدم في الدولة لا بدّ أن تسير على نهج مواصلة عمالقة الصناعة لإعادة ابتكار أنفسهم وضرورة الجمع بين كرة القدم كصناعة ترفيهية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والذي سيساعد حتماً على اكتشاف المواهب وفق منهجية علمية، وعلى فهم كيفية أداء اللاعب ومعطياته الجسدية والذهنية والمساعدة على تحسين نقاط الضعف لديه وإبراز نقاط قوته، والتقليل من الإصابات على سبيل المثال، واستخدام بيانات حقيقية لزيادة كفاءة الأداء، وأن يتدرّب اللاعب على أجواء المباريات والسيناريوهات المحتملة افتراضياً.

من أجل تطوير كرة القدم الإماراتية لا بدّ من الاستثمار الخارجي، وفتح أكاديميات رياضية في المدارس متاحة لكل الجنسيات محلياً، وفتح أكاديميات رياضية في بعض الدول العربية لجلب المواهب للدوري الإماراتي، والتعاقد مع المواهب من سن مبكرة، وتوفير بعثات رياضية للخارج في أفضل الجامعات النشطة في المجال الرياضي في أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا والصين واليابان.

اتحاد الكرة يحتاج إلى تعيين مدير للابتكار والإبداع، وإلى مدير إداري للذكاء الاصطناعي واستخدامات التكنولوجيا في الرياضة، وإلى خبير يساهم في توفير السبل التي تمكن المتابعين من المشاركة من خلالها بصورة أكثر فعالية، وجذب الأطفال لعالم كرة القدم، واختيار الأندية للاعبين وفق معايير تكون عامل جذب جماهيري وبأسعار مناسبة، كما توجد حاجة ماسّة لتطوير عمل الإعلام الرياضي وجعله تفاعليّاً على مدار الساعة، وأهمية دخول اتحاد الكرة كلاعب رئيس في المنصات الإلكترونية البديلة لنشر كمية هائلة من المحتوى بسرعة، وجعل اللعبة في كل هاتف محمول من شأنه أن يجعلها أكثر مشاهدة وتشويقاً، والتعاون مع التطبيقات الأكثر انتشاراً للوصول إلى قاعدة جماهيرية أكبر وللمواهب بصورة أسهل، وتشجيع الجيل القادم على ممارسة كرة القدم بوسائل خلاقة في سباق محموم كون الرياضة واحداً من أهم أسلحة الدبلوماسية الشعبية وأهم ركائز القوى الناعمة الحديثة، والأخذ بعين الاعتبار تغيير مسار تفكير العقول وليس تغيير المسؤولين.