تعاني الكرة العربية على وجه العموم، والإماراتية على وجه الخصوص، تحدياً غير مسبوق، وذلك لعدم التعامل مع الرياضة كصناعة، وجزء مهم من روافد الاقتصاد الوطني، من حيث حجم المعاناة التي تمرّ بها رياضة كرة القدم، من معطيات الأندية من الناحية الفنية وغياب الجمهور، والتصريحات الصاروخية التي يطلقها المسؤولون في الأندية عند فشلهم، ومحاولة تبرير ما لا يقبل التبرير، بدلاً من الحوار مع جماهير ناديه، استناداً إلى الأرقام والإحصاءات والدراسات الموثّقة، والأهداف والخطط التي أعلن عنها في بداية الموسم، وهو على دراية كاملة بسلوك المستهلك الرياضي، والتخطيط الاستراتيجي للسوق المحلية والإقليمية كنادٍ، وكيف سيحقق النادي الاكتفاء الذاتي مالياً، ومتى سيدخل المرحلة الربحية!

الحالة التي وصلت لها مستويات بعض الأندية، من هبوط مستوى، وخلافات بين جميع أطراف اللعبة، يدل على غياب الفكر التصميمي في فن الإدارة الرياضية، وإغفال أبسط حقوق الجماهير، المتمثّلة في مشاهدة المتعة، وتحقيق النتائج المميّزة، وعدم الركون لنغمة «ليس للجماهير حق التدخل في القرارات التي تصدر عن أنديتها»، لكونها الجمعية العمومية الشعبية للأندية، وهي المستهلك، وللمستهلك حقوق يكفلها قانون العرض والطلب في السوق الرياضي، وأين هي الأهداف التي يضعها أي نادٍ.

وإذا ما كانت كرة القدم صناعة، فبالتالي، الجمهور شريك في القرار، وليس بالضرورة في اتخاذ القرارات الإدارية والمالية التي تصدر عن الإدارة، وهذا في منظومة عمل لم تدخل عالم الاحتراف والتفرّغ الكلي بعد، ولذلك لا بدّ من مجلس أمناء للأندية يُنتخب نصف أعضائه، ويكون النصف الآخر من كبار رموز النادي ورجال الأعمال، وكبار موظفي القطاع العام والخاص من محبي النادي وممثلي الجماهير، على أن يعتمد ذلك المجلس الذي يُعتمد، استراتيجية العمل على المدى الطويل، بالإضافة إلى سياسات النادي العليا.

ونحن مع السعي وراء التميّز، ولكن كيف يمكن أن يحدث ذلك، دون أن تُلزم المجالس الرياضية العاملين في إدارة الأندية، بالحصول على رخص وشهادات تخصصية، تمكّنهم من القيام بعملهم على أكمل وجه! وأن يكون هناك نظام تحسين مستمر، لا يترك للإدارة فرصة للفشل والتخبّط، وحصول كل نادٍ على الاعتمادات الدولية في فن الإدارة والحوكمة في إدارة الأحداث الرياضية، والأسس الصحيحة التي من المهّم أن تستخدم في الإدارة الرياضية.

الكارثة أن يدير الأندية من لا يملك المعرفة العملية في المال والاقتصاد، وألا يتم تخصيص نسب مجزية من الأرباح بصورة شفافة لكبار الموظفين، وفقاً للأداء والأرباح، ويُطرح ما لا يقل عن نصف أسهم الأندية للاكتتاب العام، لكي تُدار كرة القدم بعقلية ربحية.

أكاد أجزم بأن كرة القدم المحلية، لن تراوح مكانها الحالي، في ظل الهواية الواقعية والاحتراف المعلن عنه، دون تطبيق حقيقي، لا سيّما أن الرياضة تحتاج لقرارٍ سيادي يغيّر مسار تاريخ الرياضة المحلية، ومنح الأندية سُلفاً مسترّدة في صندوق سيادي رياضي، وفتح الباب لرجال الأعمال والجمهور، للاستثمار في الرياضة، لبدء مرحلة جديدة، تتواكب فيها الرياضة مع باقي مكتسبات الدولة.