لا أعتقد أن المفارقة التي حدثت يوم الثلاثاء 11 مايو قبيل منتصف الليل هي مفارقة يمكن أن تحدث مرة ثانية في التاريخ الكروي.
ففي الساعة التاسعة بتوقيت الإمارات لعب مانشستر يونايتد المنافس الوحيد «نظرياً» لمانشستر سيتي على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث كان في رصيد السيتي 80 نقطة مقابل 70 لليونايتد ولكن كان ليونايتد 4 مباريات بـ 12 نقطة حتى نهاية الدوري مقابل 3 للسيتي الذي كان يحتاج لنقطة يتيمة من ثلاث مباريات ليتوج رسمياً باللقب أي أن مسألة تتويجه كانت مسألة وقت.
إذ في التاسعة لعب اليونايتد مع ليستر سيتي وعند الساعة 11 أشارت النتيجة لخسارة اليونايتد المواجهة ليبقى رصيده 70 مع بقاء ثلاث مباريات له بتسع نقاط ما يعني تتويج السيتي رسمياً باللقب الأصعب في التاريخ، كما وصفه النقاد بسبب جائحة كورونا وتبعاتها، وقبل ثلاث مراحل على ختامه وهو اللقب السابع للسيتي الذي تأسس عام 1880 واللقب الثالث للإسباني غوارديولا مع النادي الإنجليزي، وهو اللقب الخامس في عهد ملكية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، للنادي الذي لم يحرز اللقب في مئة سنة سوى مرتين ثم أحرزه خمس مرات منذ 2011 - 2012 علماً أنه اشترى النادي عام 2008 فقط.
واليوم لا يعتبر السيتي واحداً من أهم الأندية في انجلترا بل في العالم كله، وهو الواصل لنهائي دوري أبطال أوروبا أيضاً لأول مرة في تاريخه ليواجه تشيلسي في التاسع والعشرين من هذا الشهر، ولو توج باللقب فسيدخل التاريخ من أوسع أبوابه، لأن الرؤية الاستثمارية الفذة لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، وفريق عمله بقيادة خلدون المبارك حققت ما عجزت عنه إدارات متتالية في مئة عام، وهي الرؤية التي منحت الجزيرة الذي يرأسه سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، بعدها بساعة واحدة فقط أيضاً أصعب دوري في تاريخ الكرة الإماراتية بمجموعة رائعة من اللاعبين بقيادة محطم كل الأرقام القياسية علي مبخوت.
إنجاز جاء بعد صبر أربع سنوات على مجموعة جديدة من اللاعبين وبإدارة هادئة واعية بعيدة عن الصخب الإعلامي وبعيدة عن التصريحات الطنانة والرنانة، وبعيدة كل البعد عن «الشو»، بل هي إدارة عملت بصمت وحكمة وحنكة حتى نالت لقباً تستحقه عن جدارة، لهذا جاءت التهاني من الجميع على لقب لم يتعرض لأية حالة تشكيك واحدة في هوية وجدارة بطله.
لقبان في ساعتين في قارتين مختلفتين وظروف مختلفة ولكن برؤية واحدة وبصمة واحدة.
مبروك للإمارات والعرب وليس لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، وحده إنجاز السيتي الذي كتبت عنه الصحافة العالمية صفحات وصفحات ليس عن المال العربي بل كيف يدار هذا المال وكيف يكون الاستثمار وكيف تتحقق الرؤية على أرض الواقع.
كل عام والإمارات والعرب وكل من يقرأ هذه الكلمات بخير.