لست سعودياً ولا قطرياً ولا مغربياً ولا تونسياً، لكنني كل هؤلاء عندما يتعلق الأمر بمنتخب عربي يشارك في أية بطولة قارية أو عالمية، فما بالكم ببطولة كأس العالم التي يتوقف الزمن عندها كل أربع سنوات مرة؟!

شخصياً أتابع كؤوس العالم منذ بطولة ألمانيا الغربية عام 1974 حين بدأت أعشق كرة القدم، وأتذكر فوز تونس الأول على المكسيك في الأرجنتين 1978، وأتذكر فوز الجزائر التاريخي على ألمانيا في كأس العالم 1982، وأتذكر تأهل المغرب لدور الـ16 في المكسيك 1986، ليكون أول منتخب عربي يحقق هذا الإنجاز، تلاه المنتخب السعودي في أولى مشاركاته العالمية في مونديال أمريكا 1994، ومن بعدها صارت مشاركاتنا إلى حد كبير شبه شرفية نتعادل في مباراة، أو نخسر الكل، أو نفوز على بعضنا، أي مشاركات بدون بصمات تذكر، ولكن في كأس العالم الحالية لا أعتقد أن الأمور كانت كالسابق أبداً، باستثناء مشاركة المنتخب القطري الذي ربما كان أكثر منتخب استعد لهذه البطولة عبر تاريخها، وشارك في بطولات أمريكا الجنوبية وتصفيات أوروبا، لكنه لم يقدم ما يشفع له من الإشادة رغم ما قدمته بلاده من تنظيم مبهر.

في هذه البطولة شاهدنا كرة قدم عربية مقاتلة ومتطورة، فالسعودي هزم الأرجنتين، وقارع بولندا، وأخرج المكسيك من الدور الأول رغم خسارته المشرفة أمامه، أما تونس فجمعت 4 نقاط، لكنها لم تتأهل، إلا أنها هزمت بطلة العالم، لا تهمني التشكيلة، فلا أحد سيتحدث في التاريخ عنها، رغم أن مبابي وغريزمان لعبا، ورغم أن بطل العالم يجب أن يكون أساسيوه مثل احتياطييه، لكن فوز أستراليا الغريب على الدنمارك أخرجها من البطولة، أما المنتخب المغربي فهو أفضل مشاركينا العرب، وتأهل متصدراً مجموعته، وكسب هو وتونس والسعودية احترام العالم قبل احترام العرب، ومع هذا تجد أصواتاً تقلل من قيمة هذه المشاركات، وتقول «شو الفائدة» طالما لم نتأهل لدور الـ16، وأعتقد أنهم لو تأهلوا جميعاً لقال المشككون: ولماذا لا نتأهل لدور الثمانية أو الأربعة؟ ناسين أو متناسين فوارق الاحتراف الأوروبي والخارجي، وخبرات النجوم المشاركين في بقية الدول، والإرث الكروي العريق، كما في البرازيل وألمانيا والأرجنتين وإسبانيا، وهذا لا يعني حدوث مفاجآت، لأنها حدثت بالفعل، لكنها تبقى مفاجآت، وليست ثوابت، وأعتقد أن الاحتراف الخارجي هو السبيل الأوحد للكرة العربية كي تتطور، وهو ما شاهدناه في المنتخب المغربي، الذي يحترف معظم لاعبيه خارجياً، ولديهم خبرة المباريات الكبيرة والتعامل مع الضغوط والاستمرارية التي لا تدخل في خانة المفاجآت الكروية.

نصفق للعرب الذين تواجدوا في المونديال، ونتمنى البناء على المكاسب أكثر من جلد الذات الذي تعودنا عليه بعد كل خروج حتى لو كان مشرفاً.