قليلة هي نظرية الإجماع في الحياة، فالناس يحبون الاختلاف وتباين وجهات النظر، فلكل واحد شخصيته وهويته وثقافته، هذه النظرية كما كل شيء، لها استثناءات، وكان ما حدث مؤخراً في نهائي كأس الخليج 26 بالكويت من هذه الاستثناءات.

كان هناك إجماع بشري علي ثلاثة: الإجماع الأول علي البحرين، فالكل قال «يستاهلون» بعد أن أحرزت كأس البطولة للمرة الثانية في تاريخها، منتخب أسعد وأمتع كل من شاهده من المباراة الأولى وحتى الأخيرة رغم ضعف الإمكانات قياساً بغيره، لكن قيم التحدي والرغبة الجامحة والإصرار والروح الوطنية في أعلى درجاتها كان فيها العوض عن هذه الإمكانات، لقد كانت كرة القدم منصفة وأثبتت أنها هي والمنطق، الذي ينكرونه عليها صنوان، ويكفي للدلالة أن تلاحظ كيف حدث الفوز الذي لم يكن في حاجة إلا لدقيقة واحدة يأتي فيها هدفان، ويتحول مشهد الفريق الخاسر إلى فريق منتصر في لمح البصر، نعم يستاهلون.

ثاني الإجماع، يذهب نحو الفريق الخاسر، منتخب عُمان، فالكل قد تأسف على خسارته بنفس درجة الإجماع على أحقية البطل البحريني، فيا لها من معادلات لا تتكرر كثيراً على هذا النحو، منتخب عُمان ورغم خساراته المتعددة كلما وصل للنهائي إلا أن هذه المرة خذلته، ربما غصب عنه، فقد قدم كل ما تحتاجه البطولة، لذا اعتبره الناس بالإجماع بطلاً غير متوج، ورددوا بصدق مواساة له: خيرها في غيرها.

الإجماع الثالث: استحقته الكويت، الحكومة والشعب، لقد أثبتوا مقولة: إذا أردت أن تكتب حياة جديدة لكأس الخليج اذهب بها إلى الكويت، السر وراء ذلك هو تعلق هذا البلد بها منذ نشأتها الأولى ويكفيه ألقابها العشرة، هذا الرقم الذي لن يصل إليه أحد ربما في السنوات المنظورة، المسؤولون يجيدون التنظيم بحب وشغف، والشعب يذهب عن بكرة أبيه إلى الملعب بشكل عائلي عجيب، النساء والأطفال قبل الرجال، إنه لا يحدث إلا في الكويت.

آخر الكلام

فرحة بحرينية لامست كل قلب وكل دار، من القائد إلى الحكومة إلى الشعب، هذه قيمة انتصارات كرة القدم التي تسعد الشعوب.