اغتنموها...!

لقد استأثروا بكل كلمات الإعجاب، وانتزعوا كل آهات الفرح، ورسموا كل علامات الدهشة، وجعلونا نردد كلمة النشامى حتى اختصرت كل الكلمات، إنهم أبناء الأردن، منتخبها الوطني الذي رفع رايتها عالية خفاقة في كل ربوع آسيا، وكل بلدان العرب.

لم يكن الأمر محصوراً في تفوق رياضي رغم روعته، بل امتد ليكون إنجازاً إنسانياً يعلي الهمم ويرفع من شأن الأوطان.

هل تعلم لماذا كانت الفرحة مدهشة لبلوغ نشامى الأردن للمباراة النهائية في كأس آسيا، تعال معي لنتفحص الأمر، بعضه وليس كله:

أولاً: لأنه إنجاز تاريخي، فأي شيء يحدث للمرة الأولى في تاريخ الشعوب، يكون مذاقه سحرياً، يشعرك بأنك تستطيع، فقط عندما تواتيك الفرصة، وتلبيك الظروف.

ثانياً: إنه تحقق من رحم الألم، بعد مخاض ومعاناة ليس فقط أثناء البطولة بل قبلها، لم يرشحك أحد، وأنت القادم من فترة إعداد خسرت فيها بالستة من منتخب اليابان!

ثالثاً: نعم لأنه تحقق لفريق بالكاد نجا من السقوط في الأدوار الأولى، وعندما تأهل للدور الثاني، دور الـ 16، تأهل من بين الفرق التي شفع لها نظام أفضل الثوالث وكان واحداً من بين أربعة صعدوا بنظام استثنائي.

رابعاً: لأنه تحقق على حساب منتخب كوريا الجنوبية المرشح الدائم، وأحد أفضل الفرق الآسيوية على مر التاريخ وأكثرها صعوداً لكأس العالم، ولم يكن الفوز على كوريا بسبب الروح القتالية فحسب، بل لتفوق مشهود في كل فنيات اللعبة وصراعاتها الجماعية والفردية، وبنتيجة هدفين وليس هدف واحد، من خلال مهاجمين مبهرين، أحدهما (يزن) سجل بعد اختراق شجاع بيمينه، والثاني (موسي) وسجل باختراق أكثر شجاعة وبمهارة بيسراه.

خامساً: لأن نشامى الأردن دافعو ببسالة وتنظيم مشهود عن مرماهم في الوقت الأخير من المباراة، وهو الوقت الذي وضعنا فيه أيدينا على قلوبنا، لأنها فترات التفوق الكوري، والذي سجل من خلالها الفوز مرتين بعد أن كان متأخراً، لقد أدرك اللاعبون ذلك فقاوموا بشجاعة وأزالوا الخوف من نفوسنا في تلك الأوقات العصيبة.

سادساً: لأنه كان يقودهم المدرب حسين عموته الذي تحمل سهام النقد القاسية، وقبل التحدي، واستطاع إخراج أفضل ما عند لاعبيه، وهذه وحدها تكفي لكي نشهد له ونؤمن بقدراته.

سابعاً: تذهب نحو جماهير الأردن التي ناصرت وشجعت وهتفت وشدت من الأزر، وكانت المكافأة مدهشة، فكان الفرح الطاغي الذي لم يحدث بهذه الصورة من قبل.

آخر الكلام

هي فترتكم، هي أيام تفوقكم فاغتنموها.

المهمة لم تنتهِ بعد، نعم ما تحقق إنجاز فريد تاريخياً، لكنه يريد أن يكتمل باللقب، فاللقب حكاية أخرى، أنتم بما فعلتموه تستحقونها.

 

الأكثر مشاركة