تتزاحم الأفكار، فلا تدري بماذا تبدأ وبماذا تنتهي، بعد أن هيمنت إسبانيا بطلة يورو 2024 على كل شيء، فلم تترك شيئاً للآخرين، سواء لإنجلترا التي خسرت اللقب للمرة الثانية على التوالي، أو لغيرها! تفوز إسبانيا بالكأس الأوروبية للمرة الرابعة، وتحرز 15 هدفاً، وتحقق الفوز للمرة السابعة على التوالي في بطولة واحدة، وتنجب أصغر لاعب في التاريخ يسجل في بطولة كبرى، ويتفوق على الأسطورة بيليه، هكذا هي تحطم كل الأرقام، لتنحاز كرة القدم إلى الجمال، ومنطق الأشياء، بعد أن اتهموها بالجنون واللا منطق، وكأنها تأتي لنا بالدليل، كما هو حال النادي الأهلي في مصر، والهلال في السعودية، والعين في الإمارات، ومانشستر سيتي في إنجلترا، وريال مدريد في إسبانيا.

رشحوها من اليوم الأول، فصدقت معهم في اليوم الأخير، وحملت الكأس، بحضور الملك، الذي شاركهم الفرحة التي اتسعت لكل إسباني.. نعم، كل ذلك كان في صوب، وما فعله اللاعب وليامز نجم النهائي مع أمه، كان في صوب آخر، فالكاميرا كانت معه، وهو يعانقها عناقاً طويلاً، ويحتضنها بحرارة، في مشهد عظيم ومؤثر، وكأنه يخصها وحدها بالكأس، نعم الكأس لصاحبة البشرة السمراء الجميلة، فهي التي أنجبت وكبّرت وعلمت ورعت الموهبة الصغيرة منذ نعومة الأظفار.

ولأن المشاهد الاستثنائية لم تغادر الفريق البطل، فقد كان رائعاً من اللجنة المنظمة، أن يكون لامين جمال أصغر لاعب في البطولة، وأصغر من يسجل في تاريخ البطولات الأوروبية، أن يكون أول من يصعد إلى المنصة، ليحمل أول كأس، كأس الموهبة الجديدة القادمة إلى الدنيا من بلاد الإسبان.

آخر الكلام

إذا كان كل ذلك للإسبان، فإنك لا تملك إلا التعاطف مع الإنجليز، بعد أن خسروا النهائي الثاني على التوالي، رغم نجومهم واجتهادهم وروحهم، وكأن كرة القدم التي اخترعوها، تعاقبهم، وتقف لهم بالمرصاد، منذ آخر ألقابهم عام 1966، أي منذ 58 عاماً، فيا لها من قسوة أدمت قلوب الإنجليز، الذي داعبهم الحلم، وكان قريباً، لولا اصطدامه بروعة الإسبان.